فرد من النجس مانع عن الصلاة. ومن هنا ذكر الفقهاء أنه لا بدّ من تقليل النجس في الصلاة. فالمانعية انحلالية لا أنها مترتبة على الطبيعي.
والصحيح حينئذ أن يقال : إن إحدى النجاستين مما لا بدّ من ارتكابها في الصلاة سواء صرف الماء في الوضوء أو في إزالة النجاسة ، فإحدى النجاستين مورد الاضطرار. إذن يدور الأمر بين صرف الماء في الطهارة الحدثية أو في إزالة النجاسة الزائدة ، وهي عين المسألة السابقة. وعلى ما ذكروه لا بدّ من تقديم الطهارة الخبثية التي لا بدل لها وعلى ما ذكرنا يتخير بين الأمرين ، واحتطنا باختيار الطهارة الخبثية للشهرة المحققة والإجماع المدعى.
وأمّا الفرع الثاني : فلا يأتي فيه ما احتملناه في سابقه من كون المانعية مترتبة على الطبيعي دون الأفراد ، وذلك لأن الثوب والبدن موضوعان متغايران ، ونجاسة كل منهما مانع مستقل لا أن المانع هو الطبيعي ، وفيه حينئذ لحاظان :
أحدهما : لحاظ الدوران بين صرف الماء في الطهارة الحدثية والصلاة مع النجاسة الزائدة في ثوبه أو بدنه وبين صرفه في النجاسة الزائدة والصلاة مع التيمّم. ويأتي فيه ما قدّمناه من التخيير أو تقديم الطهارة الخبثية على الحدثية.
وثانيهما : لحاظ الدوران بين تطهير الثوب وتطهير البدن وأن أيهما مقدم على الآخر فان بنينا على أن المقام من صغريات التزاحم فلا مناص من تقديم تطهير البدن على الثوب ، لأنه معلوم الأهمية أو أنه محتملها دون العكس. وأما بناء على ما هو الصحيح من أن المورد من المتعارضين فلا وجه لتقديم أحدهما على الآخر ، وذلك لأن مقتضى القاعدة حينئذ سقوط التكليف لعدم تمكن المكلف من شرطه ، إلاّ أنّا علمنا أن الأمر بالصلاة لا يسقط بحال وأنها واجبة حينئذ إما مشروطة بطهارة الثوب أو بطهارة البدن ، واعتبار خصوصية كل واحد منهما تدفع بالأصل البراءة فينتج التخيير بين تطهير البدن أو الثوب.