أحدهما : دلالة أخبار « من بلغ » على أن العمل الواصل فيه الثواب مستحب في الشريعة المقدسة.
وثانيهما : شمول الوصول والبلوغ لفتوى الفقيه. وكلا الأمرين قابل للمناقشة على ما قدمناه في محلِّه (١).
الثاني : استصحاب المشروعية للقطع بها يوم الجمعة فلو شككنا في بقائها وارتفاعها ليلة السبت فنستصحب بقاءها. ويرد عليه :
أولاً : أنه من استصحاب الحكم الإلهي الكلي ونحن نمنع جريانه فيه.
وثانياً : أنه من قبيل الاستصحاب الجاري في القسم الثالث من الكلي ، لأن المشروعية الثابتة يوم الجمعة إنما كانت ثابتة في ضمن الأداء وهي قد ارتفعت قطعاً ونشك في أنه هل وجد فرد آخر من المشروعية وهي المشروعية قضاء مقارناً لارتفاع الفرد الأوّل ، أو لا ، وهو مما لا يلتزم به القائل بجريان الاستصحاب في الأحكام.
الثالث : أن القيد الوارد في الأخبار (٢) أعني يوم السبت قد ورد مورد الغالب ، فان الغالب هو الاغتسال في النهار دون الليل ، والقيد الوارد مورد الغالب لا مفهوم له ليقيد به الإطلاق ، فلا موجب لاختصاص الحكم بالمشروعية بيوم السبت بل هي ثابتة في ليله أيضاً.
وفيه أوّلاً : منع الغلبة ، لأن غلبة الاغتسال في اليوم إنما هي فيما إذا كان الهواء بارداً ولا سيما إذا لم يكن المكان مما تعارف فيه الحمامات الدارجة ، وأما إذا كان الهواء حاراً أو كان المكان مما تعارف فيه الحمامات المتعارفة فلا غلبة في الاغتسال في النهار بل النهار كالليل ، ولعل الأمر بالعكس والاغتسال في الليل أكثر من الاغتسال في النهار.
وثانياً : أن ورود القيد مورد الغالب إنما لا يوجب التقييد في الإطلاق فيما إذا كان
__________________
(١) مصباح الأُصول ٢ : ٣١٩ ٣٢١.
(٢) الوسائل ٣ : ٣٢٠ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١٠.