حقّه ، لأنّ الصلاة لا تسقط بحال وهي مشروطة بالطهور ، مع أنّ المكلّف متمكّن من استعمال الماء في الغسل أو الوضوء تكويناً وتشريعاً.
ثانيهما : موارد التزاحم ، كما إذا زاحم الغسل أو الوضوء واجب أهم مثل حفظ النفس المحترمة وقد صرف المكلّف الماء فيما هو الأهم فإنّه يجوز التيمّم في حقّه بعد ذلك ، لأنّه مكلّف بالصلاة ولا صلاة إلاّ بطهور.
والوجه في جواز التيمّم وعدم وجوبه حينئذ هو أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه ، فالأمر بصرف الماء في الواجب الأهم لا يقتضي النهي عن الوضوء ، وحيث إنّه أمر محبوب في نفسه أي هو مستحب نفسي فيجوز للمكلّف الإتيان به وترك التيمّم ، لأنّه واجد الماء ، وإن كان عصى بمخالفة الأمر بصرف الماء في الواجب الأهم. فالتيمّم جائز في هذه الصورة وليس بمتعين مع كون المكلّف واجداً للماء.
تصحيح الوضوء في موضع التيمّم بالترتب
بل ويمكن القول بوجوب الوضوء فضلاً عن جوازه ، وذلك مبني على ما هو الصحيح من إمكان الترتب ، فهو مكلّف بالواجب الأهم وصرف الماء فيه ، وعلى تقدير المخالفة يجب المهم عليه وهو صرف الماء في الوضوء أو الغسل. وكيف كان يسوغ للمكلّف التيمّم في حقّه في هذين الموردين مع كونه واجد الماء ومتمكّناً من استعماله عقلاً وشرعاً.
إذا عرفت هذا فنقول : المكلّف كما قدّمناه مأمور بالتيمّم لأجل الصلاة الّتي فرضنا ضيق وقتها كالعصر ، وهو متمكّن من استعمال الماء في الوضوء بالإضافة إلى الصلاة الّتي بعد العصر عقلاً وشرعاً. أمّا عقلاً فلأجل وجدان الماء وقدرته على استعماله حسب المفروض ، فله أن يتوضأ تهيؤاً لإيقاع صلاة المغرب مثلاً في أوّل وقتها. كما أنّه متمكّن شرعاً ، وذلك لما تقدم من أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه ، وحيث إنّ الوضوء مستحب نفساً فيجوز للمكلّف أن يترك العمل بأمر التيمّم ويأتي بالوضوء ، بل لا مانع من إيجابه بالترتب.