لأنّ القول بجوازه إنّما هو فيما إذا كان المكلّف معذوراً في ترك الطّهارة المائية وكان عذره مستوعباً للوقت ، وليس الأمر كذلك في المقام لأنّه لا عذر للمكلّف حسب الفرض. وتوهم الضيق ليس بعذر شرعي فلا يصح منه التيمّم ليجوز له البدار أو لا يجوز.
وأمّا الصورة الثّانية : فلا ينبغي التردّد في بطلان التيمّم حينئذ حتّى لو بنينا على صحّة التيمّم في الصورة السابقة بناءً على أن تخيل الضيق مسوغ للتيمم ، وذلك لأنّ وجدان الماء من أسباب انتقاض التيمّم.
وأمّا الصورة الثّالثة : فلا بدّ من الحكم ببطلان التيمّم فيها ، لعدم جوازه في حقّ المكلّف واقعاً ، لأنّ المدار في الانتقال إلى التيمّم إنّما هو عدم التمكّن من استعمال الماء في مجموع الوقت ، والمفروض أنّ المكلّف كان يتمكّن من استعماله حين التيمّم ، فهو تيمّم وقع بلا مسوغ حتّى بناءً على جواز البدار ، لأنّه إنّما هو في من كان معذوراً واستمرّ عذره (١) إلى آخر الوقت.
وليس الأمر كذلك في المقام ، لأنّ المصحّح للتيمم حينئذ إنّما هو الأمر بالصلاة ، وإلاّ فهو واجد للماء عقلاً وشرعاً ، بل لو توضأ حكمنا بصحّته كما مرّ (٢) لكنّه لمّا كان مكلّفاً بالصلاة ولا صلاة إلاّ بطهور وهو غير متمكّن من الماء لصلاته ساغ له الصلاة مع التيمّم ، فالمسوغ هو الأمر بالصلاة مع التيمّم ، ولا أمر بالصلاة مع التيمّم في مفروض الكلام فكيف يمكن الحكم بصحّته؟.
وأمّا بعد الانكشاف فحيث إنّه لا يتمكّن من استعمال الماء حينئذ بالإضافة إلى الصلاة ساغ له التيمّم والصلاة. فما أفاده الماتن قدسسره من أنّ المكلّف في تلك الصورة يعيد تيممه هو الصحيح.
__________________
(١) المناسب : واستمرّ عذره.
(٢) في ص ١٧١.