تيمّم للدخول وكان بسببه واجداً للماء فلا محالة يبطل تيممه فيلزم من صحّة التيمّم بطلانه.
وتقريب دفعه : أنّا قدمنا أنّ المسوغ للتيمم إنّما هو عدم التمكّن من استعمال الماء بالإضافة إلى الغاية المقصودة وإن كان المكلّف متمكّناً من استعماله بالإضافة إلى سائر الغايات ، ومن هنا جوّزنا التيمّم لضيق الوقت مع أنّ المكلّف حينئذ متمكّن من الاستعمال عقلاً وشرعاً لأجل بقية الغايات إلاّ أنّه لم يكن متمكّناً منه بالإضافة إلى الصلاة ، ولذا قلنا إنّ التيمّم لضيق الوقت لا يستباح به سوى الصلاة الّتي ضاق وقتها دون سائر الغايات لعدم تضيقها.
وعليه ففي المقام لمّا كان المكلّف لا يتمكّن من استعمال الماء بالإضافة إلى الدخول ساغ التيمّم في حقّه لأجله وإن كان متمكّناً من استعماله لأجل سائر الأُمور.
والحاصل : أنّ الجواز كان ثابتاً قبل التيمّم فهو لا يبيح إلاّ الدخول ولا مانع من صحّته ، لأنّه فاقد بالإضافة إلى الدخول وإن كان واجداً بالإضافة إلى الصلاة وغيرها.
وأمّا بالنسبة إلى الاغتسال فهو قد كان واجداً للماء قبل التيمّم وبعده لا أنّه صار واجداً له بعد التيمّم ، لأنّ الوجدان على ما فسّرناه يعني التمكّن من استعمال الماء والمكلّف متمكّن وقادر على الاغتسال واستعمال الماء له بواسطة التمكّن على مقدّمته الّتي هي الدخول بالتيمّم ، والمقدور مع الواسطة مقدور ، وإنّما المقدّمة لها المدخلية في تحقق ذي المقدّمة ووجوده لا في القدرة عليه على ما بيّناه في بحث مقدّمة الواجب (١) لأنّ المكلّف قادر على ذيها حتّى قبل الإتيان بمقدّمته ، نعم لولا المقدّمة لم يكن ذوها موجوداً لا أنّ المكلّف لم يكن قادراً عليه ، لأنّه مقدور مع الواسطة وهو مقدور قبل الإتيان بالمقدمة وبعده.
ومقامنا من هذا القبيل ، لأنّ المكلّف متمكّن من الاغتسال قبل التيمّم والدخول وبعدهما لقدرته على مقدّمته ، نعم لولا التيمّم والدخول لم يتحقق الاغتسال لا أنّ
__________________
(١) أشار إليه في محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ٤١٦.