صور الاستحاضة من القليلة والمتوسطة والكثيرة.
وكيف كان ، فهو تام بحسب المضمون ، إلاّ أنّه لا يقتضي وجوب الأداء على فاقد الطهورين ، لأنّه دلّ على أنّ الصلاة لا تسقط بحال ، وهو لا يعقل أن يتكفّل لإثبات موضوعه ويدلُّ على أن ما أتى به فاقد الطهورين فهو صلاة. وبما أنّ ثلث الصلاة الطهور ولا صلاة إلاّ بطهور فيستكشف منه أن ما يأتي به فاقد الطهورين ليس صلاة لتجب عليه ولا تسقط عنه.
وممّا ذكرنا قد ظهر أنّ التمسّك في المقام بالمطلقات الدالّة على وجوب الصلاة كقوله تعالى ( إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً ) (١) وقوله عليهالسلام : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلاّ أنّ هذه قبل هذه » (٢) وغيرهما من المطلقات ليس في محلِّه ، وذلك لعدم كون الصادر من فاقد الطهورين صلاة ليجب أداؤها ، بل هو غير متمكّن منها فيسقط وجوبها أداءً.
كما أنّه ظهر ممّا ذكرناه الحال والفرق بين ما ورد من أنّه « لا صلاة إلاّ بطهور » وبين ما ورد من أنّه « لا صلاة إلاّ إلى القبلة » (٣) و « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب » (٤) ونحوهما ، حيث لا تخرج الصلاة عن كونها صلاة بافتقادها الفاتحة أو القبلة وتسقط عن كونها صلاة عند عدم الطهور.
والوجه فيه ظاهر ، وهو الأدلّة الخارجية الدالّة على صحّة الصلاة الفاقدة للفاتحة أو القبلة ولو في بعض الموارد كالناسي ، كحديث « لا تعاد » (٥) وغيره ، فان ضُم ذلك إلى ما دلّ على أنّه « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب » أو « ... إلى القبلة » كانت النتيجة أن اعتبار فاتحة الكتاب أو الاستقبال في الصلاة مختص بحالة التمكّن والاختيار ولا يعتبران في الصلاة عند النسيان أو الاضطرار ، وهذا بخلاف الطهور ، إذ لم يدلّنا دليل
__________________
(١) النِّساء ٤ : ١٠٣.
(٢) الوسائل ٤ : ١٣٠ / أبواب المواقيت ب ٤ ح ٢١ وغيره.
(٣) الوسائل ٤ : ٢٩٧ / أبواب القبلة ب ٢ ، ١٠ ، ١١.
(٤) الوسائل ٦ : ٣٧ / أبواب القراءة في الصلاة ب ١ وغيره.
(٥) الوسائل ١ : ٣٧١ / أبواب الوضوء ب ٣ ح ٨ ، وغيرها من الموارد.