وأُجيب عن هذا الجواب بأنّ وجود الملاك يستكشف من الأمر بالصلاة لأنّه كاشف قطعي عنه ، والعجز عن تحصيل الطهورين يوجب سقوط الأمر والتكليف ولا يوجب سقوط الصلاة عن كونها واجدة للملاك ، فيكون تركها ولو من جهة فقدان الطهورين محققاً للفوت فيجب عليه قضاؤها.
ويرد على ذلك : أنّ الملاك ليس لنا إليه سبيل إلاّ وجود الأمر والتكليف ، ومع سقوطهما لا كاشف عن الملاك ولا علم لنا بوجوده فمن أين تحرز أن صلاة فاقد الطهورين مشتملة على الملاك ، ولعلها كصلاة الحائض والنّفساء والصبي ممّا لا ملاك فيها.
والّذي يمكن أن يقال : إنّ فاقد الطهورين مأمور بالقضاء ، وذلك لصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام : « أنّه سئل عن رجل صلّى بغير طهور أو نسي صلوات لم يصلها أو نام عنها ، قال : يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار » (١) وذلك بتقريبين :
أحدهما : أنّ قوله : « أو نسي صلوات » ذكر تمهيداً لبيان مطلق ترك الصلاة ، وليس لخصوص تركها لنسيانها موضوعية في حكمه بوجوب القضاء ، لأنا نقطع بأن ترك الصلاة متعمداً عصياناً أيضاً مورد للقضاء ، فلو كان للنسيان خصوصية فقد ترك ذكر ما لا إشكال في وجوب قضائه ، فهو إنّما ذكر تمهيداً لبيان أنّ مطلق ترك الصلاة يوجب القضاء ، وكأنّه جعل عدم الترك عمداً وعصياناً مفروغاً عنه في حقّ المكلّف المسلم ، إذ كيف يعصي الله ولا يأتي بفريضة متعمداً ، فاقتصر على ذكر الشق المحتمل وقوعه في حقّه وهو النسيان.
فتدلّنا الصحيحة على وجوب القضاء في كل مورد ترك فيه الصلاة عمداً أو نسياناً أو لغيرهما من الأسباب ، وأنّ الصلاة ذات ملاك مطلقاً إلاّ في موارد خاصّة علمنا بعدم وجوب القضاء فيها كالحائض.
ثانيهما : أنّ مقتضى إطلاق الصحيحة أن من صلّى بلا طهور وجب عليه القضاء
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٢٥٣ / أبواب قضاء الصلوات ب ١ ح ١.