اللهمّ إلاّ أن يتشبث بعموم التعليل وهو قوله : وما يشتري (١) به مال كثير ، لدلالته على لزوم بذل المال لتحصيل الطّهارة وإن كان أضعاف قيمته ، لأن ما يشتريه في الحقيقة أي ما يحصل به الطّهارة أكثر مالية ممّا يبذله من المال ، ولا يفرق في هذا بين الطّهارة المائية والترابية.
أو نقول : إنّ ذلك ممّا يقتضيه عموم التنزيل الدال على قيام التيمّم مقام الوضوء وتنزيل الطّهارة الترابية منزلة الطّهارة المائية في جميع الآثار والأحكام ، إذ كما يجب تحصيل الماء ولو بالشراء في الوضوء كذلك يجب تحصيل التراب ولو بالشراء في التيمّم.
ويرد على التمسّك بما ورد في ذيل الرواية وما يشتري به مال كثير أنّه مختص بمورده ، ومن هنا لم يتعد الفقهاء إلى الطّهارة الخبثية ، إذ لم يوجبوا شراء الماء لتنظيف الثوب أو البدن ، فلو دلّ على ذلك العموم لوجب القول به في الطّهارة الخبثية أيضاً وإن كان الماء بأضعاف قيمته. فالدليل مختص بمورده وهو الماء.
كما يرد على الاستدلال بعموم أدلّة التنزيل أنّ التنزيل إنّما يختص بالطهور فقط بمعنى أنّ التيمّم أو التراب يكفي في الطّهارة عند العجز عن الماء ، ولا دلالة لها على اشتراكهما مع الماء في جميع الأحكام والآثار. إذن لا نص على وجوب تحصيل ما يتيمّم به ولو بالشراء.
لكن الصحيح هو ذلك ، وليس هذا إلاّ للأولوية القطعية ، بيانه : أنّ النصوص دلّتنا على وجوب بذل المال بإزاء الماء فيما إذا استلزم ترك البذل فوات الطّهارة المائية وإن تمكن المكلّف من الصلاة بالطّهارة الترابية ، أي المرتبة النازلة من الطّهارة ، وهذا يدلّنا على وجوب الشراء وبذل المال بإزاء التراب أو غيره ممّا يتيمّم به بالأولوية ، لأن ترك البذل حينئذ يستلزم فوات أصل الصلاة ، فلو وجب البذل أو الشراء عند استلزام
__________________
(١) هذا التعبير ورد في الكافي ٣ : ٧٤ / ١٧ ، التهذيب ١ : ٤٠٦ / ١٢٧٦ ، وأمّا الفقيه فقد نقله بلفظ : وما يسوؤني.