لا معنى لجعل « من » تبعيضية لتدل على اعتبار كون المسح ببعض التراب ، بل هي للبيان والنشوء من دون أن تدل على اعتبار العلوق.
الوجه الثّاني : الأخبار الواردة في أنّ التراب طهور كالماء (١) لدلالتها على أنّ التراب كالماء في لابدية المسح به ، أي كما أنّه لا بدّ في الماء أن يكون المسح به كذلك لا بدّ في التراب والتيمّم أن يكون المسح بأثر التراب الّذي علق باليد.
ويرد عليه : أنّ المسح بالتراب مباشرة بمعنى تمريغ الجسد في التراب كما في الماء مقطوع العدم كما مرّ ، لعدم [ اعتبار ] كون المسح بالتراب ، فيدور الأمر بين أن يراد به المسح باليد الّتي ضربت على التراب ومسته ، وهذا هو المراد. أو يراد به المسح بأثر التراب الّذي علق باليد ، وهو وإن لم يقم إجماع على خلافه كما في المسح بنفس التراب إلاّ أنّه مجرّد دعوى تحتاج إلى الدليل والبرهان ، ولم يقم عليه دليل.
الوجه الثّالث : الأخبار الآمرة بالنفض بعد الضرب (٢) لدلالتها على أنّ التيمّم لا بدّ أن يكون واقعاً على ما يعلق منه شيء باليد ليزال عينه بالنفض بعد الضرب ويمسح بأثره.
وقد أُجيب عن ذلك تارة : بأنّ الأخبار المذكورة إنّما دلّت على النفض على تقدير أن يكون له موضوع في الخارج بأن يقع التيمّم اتّفاقاً على ما يعلق منه شيء باليد أي على تقدير تحقق موضوعه ، بمعنى أنّ المتبادر من الأمر بالنفض إرادته على تقدير حصول العلوق ، وحينئذ لا بدّ من النفض ، ولم تدل على لزوم النفض مطلقاً وعلى جميع التقادير حتّى يستفاد منها اعتبار كون ما يتيمّم به ممّا يعلق منه شيء باليد.
ويدفعه : أنّ الأمر بالنفض فيها متوجّه إلى عامّة المكلّفين ، ولا اختصاص فيها بجمع دون جمع أو شخص دون شخص. إذن لا بدّ أن يكون التيمّم واقعاً على ما يعلق منه شيء باليد ليتحقق موضوع النفض ولتزال العين بالنفض ويبقى أثره ليتمسح به.
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٣٨٥ / أبواب التيمّم ب ٢٣.
(٢) الوسائل ٣ : ٣٦٠ / أبواب التيمّم ب ١١ ح ٧ ، ب ١٢ ح ٢ ، ٤.