المورد من موارد التمسّك بالبراءة دون الاشتغال.
إلاّ أنّ التمسّك بالإطلاق أو الأصل إنّما ينفع فيما إذا لم يقم هناك دليل على الاشتراط ، وإلاّ وجب تقييد المطلقات به ورفع اليد عن البراءة ، فلا بدّ من ملاحظة ما استدل به على اشتراط العلوق. وقد استدلّ عليه بوجوه : الوجوه المستدل بها على اعتبار العلوق
الوجه الأوّل : قوله تعالى ( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) (١) بضميمة صحيحة زرارة المشتملة على قوله عليهالسلام : لأنّ الله علم أنّ العلوق لا يكون في جميع الكف وإنّما يعلق ببعضها (٢) فعبّر بكلمة « من » التبعيضية لتدل على أنّ التيمّم يكفي فيه المسح ببعض التراب ولا يعتبر فيه المسح بالكف المشتملة على التراب كلّها.
وفيه : ما قدّمناه من أنّ التراب اسم جنس يصدق على القليل والكثير ، ولا يصح أن يقال : إنّ ما في الكف بعض التراب. بل هو تراب لصدقه عليه من دون عناية ، فلا حاجة إلى جعل « من » تبعيضية.
فمعنى الصحيحة أمر آخر وهو أنّ المسح في التيمّم لا بدّ أن يكون منشؤه التراب والأرض ، فلفظة « من » بيانية ونشوية لا تبعيضية ، فلا دلالة في الصحيحة ولا في الآية المباركة على اعتبار كون التيمّم بما فيه العلوق.
ومن هنا يظهر الجواب عمّا اشتمل على الأمر بالمسح من الأرض كما في صحيحتي الحلبي وابن سنان (٣) فلا نطيل.
وبعبارة اخرى : ذكرنا (٤) أنّ التيمّم لا يعتبر فيه أن يكون المسح بالتراب ، وعليه
__________________
(١) المائدة ٥ : ٦.
(٢) الوسائل ٣ : ٣٦٤ / أبواب التيمّم ب ١٣ ح ١. والقول المذكور ليس نصّه بل مفاده.
(٣) الوسائل ٣ : ٣٦٦ / أبواب التيمّم ب ١٤ ح ٤ ، ٧.
(٤) في ص ٢٤٨.