وبإزائهما صحيحة زرارة أو حسنته المتقدّمة من الطائفة الّتي تشمل بإطلاقها المقام ، حيث ورد فيها : « إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت ، فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل في آخر الوقت ... » (١) ، فإنّها شاملة للمقام من جهتين :
إحداهما : قوله : « وليصل في آخر الوقت » لدلالته على أن تأخير الصلاة كتأخير التيمّم مأمور به في حقّ المتيمم لا أن تأخيرها أمر طبعي والمأمور به هو تأخير التيمّم وحسب حتّى لا تشمل المقام.
إذ لو كان الأمر كذلك لتمت الجملة بقوله : « فليتيمم في آخر الوقت » أو « إذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم » ولم تكن أية حاجة إلى قوله : « وليصل في آخر الوقت » فيصبح ذكرها لغواً لا ثمرة فيه ، فهذا يدلّنا على وجوب تأخير الصلاة على المتيمم سواء كان محدثاً فتيمّم للصلاة بعد الوقت أو كان متطهراً قبل الوقت أو تيمّم بعد الوقت لكن لأجل غاية أُخرى ، فتشمل المقام بإطلاقها.
ثانيتهما : قوله في صدرها : « إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت ، فإذا خاف ... » فإنّه شامل للمتطهر قبل الوقت أيضاً ، لأنّه وإن كان متيمماً ومتطهراً على الفرض إلاّ أن مقتضى صدر الرواية أنّه مأمور بطلب الماء إلى أن يخاف فوت الوقت.
إذن تقع المعارضة بين هذه الرواية وبين الروايتين المتقدمتين ، وحيث إن تعارضهما بالإطلاق فيتساقطان فنبقى نحن ومقتضى القاعدة والأصل الجاري في المقام ، وهو يقتضي جواز الإتيان بالصلاة في أوّل وقتها إذا كان متطهراً قبل الوقت أو بعده لأجل غاية أُخرى.
وليس هذا لأجل استصحاب طهارته السابقة ، إذ لا شك لنا في بقائها ، فإن دخول الوقت ليس من نواقض التيمّم وإنّما الناقض له وجدان الماء أو الحدث ، بل لاستصحاب عدم وجدانه الماء حتّى آخر الوقت بناء على جريانه في الأُمور الاستقبالية كما هو الصحيح ، فإنّه ببركته يدخل في كبرى من يقطع بعدم وجدان الماء
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٣٦٦ / أبواب التيمّم ب ١٤ ح ٣.