إلاّ أنّ الأمر ليس كما يقال ، فان مفروض كلامنا ما إذا أتى المكلّف بصلاة صحيحة ثمّ ارتفع عذره أو وجد الماء ، وهذا إنّما يكون في موردين :
أحدهما : ما إذا صلّى في آخر الوقت وارتفع عذره بعد الوقت ، وهذا وظيفة من احتمل الوجدان إلى آخر الوقت. ولا إشكال في عدم وجوب القضاء عليه كما مرّ.
وثانيهما : من أيس أو اطمأن بعدم وجدانه الماء أو ارتفاع عذره إلى آخر الوقت فأتى بالتيمّم والصلاة في أوّل الوقت ثمّ ارتفع عذره أو وجد الماء.
والصحيحة مطلقة وليست واردة في وجوب الإعادة في خصوص الصورة الثّانية فلتحمل بمقتضى ما دلّ على عدم وجوب الإعادة عند اليأس على صورة ما إذا لم يأت بصلاة صحيحة ، كما لو كان محتملاً لوجدان الماء أو كان عالماً به ومعه أتى بالتيمّم في أوّل الوقت وصلّى. أو تحمل على الاستحباب في صورة ما إذا أتى بصلاة صحيحة ثمّ ارتفع عذره أو وجد الماء ، هذا.
ولكن الصحيح حملها على الاستحباب وحسب ، ولا مجال لحملها على صورة الإتيان بها مع العلم بالوجدان أو رجائه ، وذلك لأن مفروض الصحيحة أنّ الرجل صلّى صلاته صحيحة ، وإنّما سأل عن لزوم إعادتها وعدمه ، بحيث لولا وجوب الإعادة كانت صلاته تامّة.
وهذا بمقتضى ما دلّ على أنّ التيمّم والإتيان بالصلاة أوّل الوقت إنّما هو في صورة اليأس عن وجدان الماء إلى آخر الوقت لا بدّ أن تحمل على تلك الصورة وهي ما إذا كان آيساً من الوجدان وحيث قلنا في تلك الصورة بعدم وجوب الإعادة بمقتضى الأخبار المذكورة فلا مناص من حمل هذه الصحيحة على الاستحباب ، ولا يمكن حملها على صورة الإتيان بالصلاة فاسدة.
ثانيهما : موثقة منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليهالسلام : « في رجل تيمّم فصلّى ثمّ أصاب الماء ، فقال : أمّا أنا فكنت فاعلاً ، إنّي كنت أتوضأ وأُعيد » (١).
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٣٦٨ / أبواب التيمّم ب ١٤ ح ١٠.