حملاً للأمر بالإعادة فيهما على الاستحباب ، إذ لا تجب على المكلّف في كل يوم إلاّ خمس صلوات لا ست صلوات فتكون إعادة الظهر مستحبّة لا محالة ، والمراد بها إعادتها ظهراً ، لأنّه لا معنى لإعادة صلاة الجمعة في غير وقتها ، هذا.
ولا يمكن المساعدة عليه ، وذلك لأنّ الوارد في الروايتين إن كان هو صلاة الجمعة كان لما ذكروا من استحباب الإعادة في مفروض الكلام وجه ، بناءً على أن إقامة الجمعة واجب تعييني أو أنّها واجب تخييري ويجب الحضور لها إذا نودي لصلاتها يوم الجمعة كما استظهرناه وقوّيناه لأنّه الموافق لما هو ظاهر الآية الكريمة ، فيمكن أن يقال على هذا : بما أنّ المكلّف كان مأموراً بإقامة صلاة الجمعة أو بحضورها ولم يتمكّن من الطّهارة المائية للزحام فيتيمم ويأتي بما هو وظيفته ثمّ يستحب له أن يعيدها ظهراً بمقتضى الأمر بالإعادة في الروايتين.
إلاّ أنّ المذكور فيهما ليس هو صلاة الجمعة ، بل المذكور فيهما يوم الجمعة ويوم عرفة ، ومن الواضح أنّه لا صلاة جمعة يوم عرفة. فلا يمكن حمل الروايتين على إرادة صلاة الجمعة ، بل لا بدّ من حملها على إرادة صلاة الجماعة ، وحيث إنّها أمر مستحب فتدل الروايتان على أنّ من كان في المسجد عند إقامة صلاة الجماعة ولم يمكنه الخروج لتحصيل الطّهارة المائية فيجوز له أن يتيمّم ويصلِّي جماعة تحفظاً على فضيلة الوقت.
إلاّ أنّه من الظاهر أنّها حينئذ صورة جماعة وليست جماعة حقيقة ، لأنّه متمكّن من الماء ، فيتحفظ على ظهور الروايتين في وجوب الإعادة لعدم إتيانه بما هو وظيفته ولكنّه لمّا لم يجز له الإقدام على الصلاة أوّل وقتها عند عجزه عن الماء حينئذ أمر ( سلام الله عليه ) بالتيمّم والصلاة عند إقامة الجماعة للتحفظ على فضيلة الوقت مع إيجاب الإعادة عليه بعد ذلك. فلا دلالة في الروايتين على وجوب التيمّم حينئذ واستحباب الإعادة كما ادعي ، بل دلالتهما على العكس وهو استحباب التيمّم ووجوب
__________________
أحمد بن محمّد بن عيسى عن أبيه محمّد بن عيسى ، وهو وجه القميين وشيخ الأشاعرة ، وهذا يدل على حسنة فلا مانع من الاعتماد على روايته ، وإن لم يوثقه إلاّ بعض المتأخرين كالشهيد كما حكاه عنه الشهيد الثّاني في الرعاية في علم الدراية : ٣٧١ ونحن لا نعتمد على توثيقاتهم.