ومعناه : أن استعمال التراب كاستعمال الماء كاف في تحقق المأمور به ، نظير ما قدّمناه (١) في معنى « إن ربّ الماء وربّ الصعيد واحد » فإنّه لا معنى له سوى أنّ الأمر واحد وبينهما جامع وهو تحصيل الطّهارة الّتي أمر الله سبحانه بها ، وإلاّ فربّ الموجودات بأجمعها واحد من دون اختصاص ذلك بالصعيد. إذن يكون معنى تلكم الجملة هو أنّ التيمّم بدل عن الوضوء أو الغسل ، لأن استعمال التراب هو التيمّم كما أن استعمال الماء عبارة عن الغسل أو الوضوء.
الرّابعة : ما إذا وجب على المكلّف أغسال متعددة ومنها غسل الجنابة ، كما لو مسّ الجنب ميّتاً ، أو كانت حائضاً وطهرت من حيضها ووجب الاغتسال بأغسال متعددة فهل يجب على المكلّف حينئذ إذا لم يتمكّن من الماء أن يتيمّم بتيممات بعدد الأغسال الواجبة في حقّه أو أنّه إذا تيمّم تيمماً واحداً كفى عن الجميع؟
مقتضى إطلاق الآية المباركة ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ) (٢) إلى آخرها هو أنّ الجنب مأمور بالاغتسال مرّة واحدة سواء كان محدثاً بغير الجنابة من الأحداث الكبيرة أو الصغيرة أم لم يكن ، فيكفي الغسل في حقّه مرّة واحدة ، فهو في الحقيقة مأمور بالغسل الواحد ، فلو تيمّم بدلاً عنه كفاه وذلك بحسب إطلاق الآية والأخبار كما أن مقتضى ما استظهرناه من الآية من أن وظيفة الجنب هي الاغتسال دون الوضوء لأنّه وظيفة غير المجنب عدم وجوب التيمّم عليه بدلاً عن الوضوء أيضاً إذ لا أمر بالوضوء عليه ليجب عليه التيمّم بدلاً عنه فيكفي في حقّه تيمّم واحد لا تيممان أو أكثر.
الخامسة : ما إذا وجب أغسال متعددة غير غسل الجنابة كالحيض ومسّ الميت فهل الواجب عليه حينئذ أن يتيمّم تيمماً واحداً أو لا بدّ أن يأتي بتيممات متعددة حسب تعدّد الأغسال؟
__________________
(١) في ص ٣٥٩.
(٢) المائدة ٥ : ٦.