الرواية ، ولا يترتب أثر على تردد الراوي بين النهدي وابن أعين ، لاعتبار الرواية على كلا التقديرين. إلاّ أنّا أنكرنا هذا المبنى كما سبق مراراً ، ومعه لا يمكننا الاعتماد على الرواية ، هذا كلّه بالنسبة إلى محمّد بن حمران. هذا تمام الكلام في سند الرواية.
الكلام في دلالتها
لو أغمضنا النظر عن المناقشة السندية وبنينا على أن محمّد بن سماعة هو ابن موسى الثقة ، وأن محمّد بن حمران هو النهدي الثقة فلا يمكننا الاستدلال بالرواية ، لعدم دلالتها على المدّعى.
وذلك لأنّها إنّما تدل على عدم الاعتبار بما قبل الركوع وما بعده بمقتضى إطلاقها لدلالتها على أنّه إذا وجد الماء وهو داخل في الصلاة مضى في صلاته سواء كان ذلك قبل الركوع أم بعده ، فنقيدها بصحيحة زرارة أو حسنته المتقدمة الدالّة على التفصيل بين ما إذا وجد الماء قبل الدخول في الركوع وما إذا وجده بعده (١) فإنّه مقتضى قانون الإطلاق والتقييد.
وقد يقال بأنّ الرواية صريحة في أن وجدان الماء قبل الركوع لا يوجب انتقاض التيمّم لا أنّها تدل عليه بالإطلاق فهما متعارضتان ، ولا بدّ معه من حمل الحسنة أو الصحيح على الاستحباب إذا وجد الماء قبل الركوع ، وذلك لتصريح الراوي بأنّه وجد الماء حين يدخل في الصلاة أي حين شروعه فيها.
إلاّ أنّ هذا التوهم باطل ، لأنّ المراد به هو كون الرجل داخلاً في الصلاة ولا يراد به حال الشروع والدخول ، فان معنى « حين يدخل » حين كونه داخلاً في الصلاة وذلك لئلاّ يناقضه قول السائل قبل هذا : « رجل تيمّم ثمّ دخل في الصلاة وقد كان طلب الماء فلم يقدر عليه ثمّ يؤتى بالماء حين يدخل في الصلاة ». لأنّه فرض أنّه دخل في الصلاة وبعد دخوله فيها ، وذلك لمكان « ثمّ » ، فمعنى « يؤتى بالماء ... » أي يؤتى به حال كونه داخلاً في الصلاة ، فلو حمل ذلك على حال الشروع والدخول لكان مناقضاً لقوله : « ثمّ دخل في الصلاة ».
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٣٨١ / أبواب التيمّم ب ٢١ ح ١ ، وقد تقدّمت في ص ٣٧١.