بالدليل الخارجي جواز إتمام ما بيده من الصلاة والمضي فيها بتلك الطّهارة الترابية الّتي حصّلها قبل الصلاة ، وأمّا أنّه يجوز أن يشرع في غيرها من الصلوات فلم يقم عليه دليل ، ومن هنا يجب عليه تجديد الطّهارة المائية لغيرها من الصلوات.
وما أفاده قدسسره هو الصحيح فيما إذا كانت الصلاة نافلة يجوز قطعها أو كانت فريضة وقلنا بجواز قطعها ، وذلك لأن المكلّف واجد للماء حينئذ ومتمكّن من الطّهارة المائية ، غاية الأمر أنّه ثبت بمقتضى الحسنة المتقدِّمة أو غيرها جواز المضي فيما بيده من الصلاة وعدم بطلانها بوجدان الماء بعد الركوع (١) وأمّا بالإضافة إلى غيرها فقد انتقض تيمّمه بمقتضى ما دلّ على أن وجدان الماء ناقض له ، فلا يجوز له الدخول في غيرها من الصلوات.
نعم إذا قلنا بحرمة قطع الفريضة ووجد الماء في أثنائها ثمّ فقده أو وجده (٢) أو بعدها في زمان قليل لا يسع الطّهارة المائية فلا إشكال في بقاء تيمّمه ، لعدم تمكّنه من الماء شرعاً لحرمة قطع الفريضة على الفرض ، فله الدخول في غيرها من الصلوات.
ولا يفرق الحال فيما ذكرناه من انتقاض التيمّم بوجدان الماء في أثناء الصلاة بالإضافة إلى بقية الصلوات فيما إذا جاز قطعها بين أن يكون التيمّم مبيحاً للدخول في الصلاة وبين أن يكون رافعاً ، وعلى الثاني لا فرق بين كون التيمّم طهارة حقيقية في ظرف الفقدان وبين كونه رافعاً للحدث فقط مع بقاء الجنابة أو غيرها بحالها.
وذلك لأنّ الطّهارة ليست من الأُمور الحقيقية والواقعية الّتي لا يختلف حالها بالإضافة إلى الأشخاص والحالات ، وإنّما هي أمر شرعي اعتباري يمكن أن تكون معتبرة بالإضافة إلى ما بيد المكلّف من الصلاة وأن لا تكون معتبرة بالإضافة إلى غيره ، لأنّها تدور مدار الاعتبار. وقد تقدّم في بعض الروايات أنّه إذا وجد الماء ثمّ فقده وجب تحصيل الطّهارة بالإضافة إلى الصلوات الآتية (٣).
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٣٨١ / أبواب التيمّم ب ٢١ ح ١ ، وغيره من الأحاديث.
(٢) لعلّ المناسب : ثمّ فقده في أثنائها أو بعدها في زمان ...
(٣) الوسائل ٣ : ٣٧٧ / أبواب التيمّم ب ١٩ ح ١ وغيره ، وقد تقدّم في ص ٣٦٨.