وأمّا لو شكّ في ارتفاعه في آخر الوقت أو عدم ارتفاعه أو اطمأن بعدم ارتفاعه فلا شبهة في جواز البدار والإتيان بالنافلة بذاك التيمّم الصحيح ، لأنّ الاطمئنان حجّة شرعية ، أو لاستصحاب البقاء وعدم ارتفاع العذر. وقد تقدم أنّ البدار مع اليأس عن ارتفاع العذر ممّا لا إشكال في جوازه (١).
إلاّ أنّه إنّما يجزئ فيما إذا لم يرتفع العذر إلى آخر الوقت ، وأمّا لو ارتفع بعد ذلك فلا بدّ من الإعادة ، لأنّ الأمر الظاهري كما في صورة الشك والاعتماد على الاستصحاب أو الأمر الخيالي كما في صورة الاطمئنان بعدم الارتفاع لا يجزئ عن الأمر الواقعي.
توضيح لما ذكرناه في هذه المسألة :
أنّا قدّمنا سابقاً أنّ المستفاد من الآية المباركة والأخبار أنّ مشروعية التيمم إنما هي في صورة فقد الماء ، فالمأمور بالتيمم إنّما هو الفاقد ، فلو كنّا نحن وهذه الأدلّة لمنعنا عن البدار وأوجبنا الصبر والانتظار إلى آخر الوقت ليظهر أنّه فاقد للماء حتى يتيمم أو هو واجد حتى يتوضأ.
وقد خرجنا عن ذلك بمقتضى الأخبار الواردة في جواز البدار (٢) حيث جوّزته على التفصيل المتقدِّم من دلالتها على الجواز مطلقاً أو في صورة اليأس عن الوجدان على الكلام بين الأصحاب (٣).
فلو تيمم في موارد مشروعية البدار ثم بعد ذلك وجد الماء لم تجب عليه الإعادة بمقتضى الأخبار الدالّة على عدم إعادة الصلاة المأتي بها مع التيمم الصحيح.
إلاّ أنّ تلك الأخبار بين ظاهر وصريح في الاختصاص بالصلوات اليومية ، وقد اشتمل بعضها على أنه إذا خاف فوت الوقت ... ، ومن المعلوم أنّ الوقت إنّما هو متحقِّق في الصلوات اليومية لا في غيرها. إذن لا دليل على جواز البدار وعدم وجوب الإعادة فيما لو أتى بالصلاة المنذورة بالتيمم بداراً لليأس عن الظّفر بالماء أو
__________________
(١) تقدّم في ص ٣٢٦.
(٢) الوسائل ٣ : ٣٦٦ / أبواب التيمم ب ١٤.
(٣) تقدّم في ص ٣٢٤.