إلى المنوب عنه ، حيث إن تفريغ ذمّة الأخ المؤمن من الديون من الأُمور المستحبّة على المكلّفين ولا سيما إذا كان من أقربائه ، وهذا أمر متوجه إلى المؤمنين الّذين منهم النائب ، لا أنّه متوجه إلى المنوب عنه ، وإذا آجر المؤمن نفسه للعبادات الواجبة على الغير تبدل هذا الأمر الاستحبابي بالوجوبي وصار تفريغ ذمّة المنوب عنه واجباً عليه بعد أن كان مستحبّاً في حقّه.
وبهذا دفعنا الإشكال في الاستئجار للعبادات من أنّ الأمر الناشئ من الإجارة أمر توصلي لم يؤخذ فيه قصد القربة بوجه.
وحاصل الجواب : أنّ العبادية إنّما هي مستندة إلى أمر سابق على الأمر الإجاري وقد كان مستحبّاً في نفسه وانقلب إلى الوجوب بعد الإجارة.
وثانيهما : ما قدمناه في الصلاة عن الميت من أنّها واجبة على المكلّفين وجوباً كفائياً (١) ، فالأمر متوجه إلى الطبيعي دون الأشخاص ، ومن هنا لو لم يتمكّن أحد من الطّهارة المائية لعذر لم تصح منه الصلاة ، لأنّ الأمر متوجه إلى الطبيعي وهو متمكّن من الطّهارة المائية ، نظير ما لو عجز عن القيام فلا تصح منه الصلاة ، لوجود من يتمكّن من القيام ، والمأمور هو الطبيعي دون الأشخاص.
نعم إذا فرضنا أنّه لم يوجد هناك من يصلِّي مع الطّهارة المائية لا لأجل عدم كون الماء ميسوراً لهم ، بل لأنّهم لا يصلّون باختيارهم ولو للعصيان صحّ للعاجز عن الماء أو عن القيام أن يتصدّى للصلاة عن الميت.
وعلى هذا نقول في المقام : إن تفريغ ذمّة الميت عمّا اشتغلت به أمر مستحب عبادي في نفسه ، وهو متوجه إلى طبيعي المكلّفين يسقط عن ذمّتهم بقيام أحدهم به ، وقد عرفت أنّ هذا الأمر المستحب هو الّذي تعلّق به الوجوب عند الاستئجار.
وعليه إذا فرضنا أن أحداً لا يتمكّن من الوضوء لم يصح استئجاره للصلاة عن الميت ، لأن المأمور هو الطبيعي وهو واجد للماء وغير فاقد له لينتقل الأمر إلى بدله وخصوص الفرد ليس بمأمور على الفرض.
كما أنّه إذا طرأ العجز عن الطّهارة المائية بعد استئجاره وجب عليه تأخير الصلاة
__________________
(١) المناسب : مستحبّة ... استحباباً كفائيّاً.