وقد ذكروا نظيره في الجنب إذا كان اغتساله مستلزماً للمكث في المساجد أو الاجتياز من المسجدين فيما كان الماء في المسجدين أو المساجد ، حيث قالوا : إنّه يتيمّم لدخول المسجد أو المكث فيه فيكون متطهراً وبعد ذلك يدخل المسجدين أو يمكث في المساجد لكي يغتسل.
ويدفعه : ما ذكرناه هناك من عدم جواز التيمّم حينئذ لاستلزام جوازه الدور (١) وكذلك الأمر في المقام ، لأنّ التيمّم إنّما يكون مشروعاً فيما إذا كان المكلّف مأموراً بالغسل أو الوضوء ، مع المس بالمباشرة ليقال إنّه إذا لم يتمكّن من الماء يتيمّم بدلاً عن الطّهارة المائية ، فلو توقّف جواز الطّهارة المائية على مشروعية التيمّم لدار.
إذن لا يشرع له التيمّم حينئذ ولا سيما مع كونه واجداً للماء في نفسه وإن لم يكن واجداً له بالنسبة إليهما. فهذا الاحتمال ساقط.
ثمّ إنّ المسألة تدور بين احتمالات ثلاثة :
أحدها : أن تكون هذه المسألة ملحقة بتلك المسألة ، فنقول بأنّه يتيمّم للصلاة لفقدانه الماء وعدم تمكّنه من الطّهارة المائية لاستلزامها المس الحرام ، كما قلنا به في تلك المسألة.
ثانيها : أن يقال بوجوب الغسل والوضوء في حقّه وسقوط الحرمة عن المس كما ذهب إليه الماتن قدسسره.
ثالثها : أن تجب عليه الاستنابة فيغتسل أو يتوضأ من دون مباشرة.
ومقتضى الاحتياط في المسألة هو الجمع بين تلكم الوجوه ، بأن يتيمّم أوّلاً ثمّ يتوضأ أو يغتسل بالتسبيب ثمّ يغتسل أو يتوضأ بالمباشرة ، لأنّه يستلزم القطع بإباحة الصلاة في حقّه ، لأنّه إمّا مأمور بالطّهارة الترابية لعدم تمكّنه من الماء لاستلزامه المس الحرام وقد أتى بالتيمّم ، وإمّا هو مأمور بالطّهارة المائية مع سقوط قيد المباشرة أو بقيدها وقد أتى بهما.
__________________
(١) شرح العروة ٦ : ٣٤٢.