وهي مما لا إشكال فيها سنداً ، إلاّ أن دلالتها مورد للمناقشة ، وذلك لأن مدلولها أن المسافر يجب أن يطلب الماء من أول الوقت إلى آخره ، وهو مقطوع الخلاف ولم يلتزم فقيه بوجوبه ، كيف ولازمه وقوف المسافر عن سفره وعن بقية إشغاله لوجوب الفحص عليه في مجموع الوقت ، وعليه لا بدّ من حملها على إرادة تأخير الصلاة إلى آخر الوقت وعدم جواز البدار له وأنه يسافر ويلاحظ الطريق أثناء سيره ليعلم أن الماء موجود ويصلِّي في آخر الوقت.
هذا وقد روى الشيخ في موضع ثالث هذه الرواية بطريق آخر ، وهو عين الطريق السابق بإبدال « ابن أُذينة » بـ « ابن بكير » عن زرارة عن أحدهما عليهماالسلام ونقل عين الألفاظ المذكورة بإبدال « فليطلب » بـ « فليمسك عن الصلاة » (١) وهي على ذلك صريحة فيما ذكرناه ، ومع ذلك يتردد اللفظ بينهما فكيف يمكن للمدعي أن يستدل بها على وجوب الطلب؟ لأنها رواية واحدة ولا يحتمل تعددها بواسطة ابن أُذينة تارة وابن بكير اخرى مع اتحاد السند والألفاظ في غير الموردين.
نعم لما كان في سند الرواية قاسم بن عروة وهو ضعيف فلا تكون الرواية معارضة للصحيحة ، فاللفظ الصحيح هو « فليطلب ». إذن فالعمدة في الإشكال هي الجهة الاولى أعني عدم وجوب الطلب في مجموع الوقت كما ذكرناه.
ومنها : ما رواه النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهمالسلام أنه قال : « يطلب الماء في السفر إن كانت الحزونة فغلوة ، وإن كانت سهولة فغلوتين ، لا يطلب أكثر من ذلك » (٢).
وهي من حيث الدلالة ظاهرة لكن سندها ضعيف ، فإن السكوني وإن كان ثقة إلاّ أن النوفلي لم تثبت وثاقته (٣) ، فيبتني الاستدلال بها على انجبار ضعفها بعمل المشهور
__________________
(١) التهذيب ١ : ١٩٤ / ٥٦٠.
(٢) الوسائل ٣ : ٣٤١ / أبواب التيمّم ب ١ ح ٢.
(٣) هذه الرواية موثّقة ، فان النوفلي وإن لم يوثق خصوصاً ولكنه داخل في التوثيق العام الواقع في كلام علي بن إبراهيم في مقدّمة تفسيره لوقوعه في أسناد التفسير.