كل واجب إلاّما قامت القرينة من الخارج على لزوم الاتيان به مجاناً وبلا عوض ، وعلى هذا فبما أنّنا علمنا من الخارج بوجوب الاتيان بتلك الواجبات مجاناً ومن دون عوض ، فبطبيعة الحال لا تصحّ الاجارة عليها ، فالنتيجة : أنّ البطلان مستند إلى هذه النقطة دون ما أفاده قدسسره.
وأمّا الفرع الثاني : وهو بيع منذور الصدقة ، فانّ النذر إذا لم يكن نذر النتيجة فلا يكون بطلان بيع المنذور مما تسالم عليه الفقهاء ، بل هو محل خلاف بينهم ، فاذن كيف يجوز الاستشهاد به على بطلان المعاملة فيما نحن فيه. وبقول آخر : أنّ النذر المتعلق بشيء على قسمين : أحدهما : نذر النتيجة. وثانيهما : نذر الفعل. أمّا الأوّل فعلى تقدير تسليم صحته فهو وإن كان يوجب بطلان البيع نظراً إلى أنّ المال المنذور قد انتقل من ملك الناذر إلى ملك المنذور له ، وعليه فلا محالة يكون بيع الناذر إيّاه بيع لغير ملكه فيلحقه حكمه ، إلاّ أنّ هذا الفرض خارج عن مورد كلامه قدسسره حيث إنّ كلامه ناظر إلى أنّ المانع عن صحة بيعه هو وجوب الوفاء به ، لا صيرورة المال المنذور ملكاً للمنذور له ، هذا.
والصحيح أنّ وجوب الوفاء به غير مانع عنها ، والسبب في ذلك : هو أنّ وجوب الوفاء بالنذر لا ينافي إمضاء البيع ، حيث إنّه لا منافاة بين لزوم إبقاء المال على الناذر تكليفاً بمقتضى التزامه به وصحة البيع وضعاً على تقدير تحققه في الخارج ، غاية الأمر أنّه يترتب على البيع المزبور استحقاق العقاب على المخالفة ولزوم الكفارة ، ومن الطبيعي أنّ شيئاً منهما لا يستلزم بطلان البيع ، بل إذا افترضنا أنّ المال المنذور قد انتقل إليه ثانياً بعد بيعه وفي ظرف الوفاء بالنذر لم يلزم الحنث أيضاً من هذه الناحية ، أي من ناحية بيعه إيّاه.
وعلى الجملة : حيث إنّه كان وجوب الوفاء بالنذر وجوباً تكليفياً محضاً