وإنّما أخبر به معلّقاً على أن تتعلق المشيئة الإلهية به أو أن لا تتعلق بخلافه ، ومن الواضح أنّ صدق هذا الخبر وكذبه إنّما يدوران مدار صدق الملازمة بين هذين الطرفين وكذبها لا وقوعهما في الخارج وعدم وقوعهما فيه.
فالنتيجة في نهاية المطاف : هي أنّه لا مانع من الالتزام بوقوع البداء في بعض إخبارات المعصومين عليهمالسلام في الامور التكوينية ، ولا يلزم منه محذور لا بالاضافة إلى ذاته ( سبحانه وتعالى ) ولا بالاضافة إليهم عليهمالسلام (١).
__________________
(١) ولو أغمضنا عن تلك الروايات وافترضنا أنّه لم تكن في المسألة أيّة رواية من روايات الباب ، فما هو موقف العقل فيها؟ الظاهر بل لا ريب في أنّ موقفه هو موقف الروايات الدالة على أنّ قضاء الله تعالى على ثلاثة أنواع ، والسبب في ذلك : أنّ العقل يدرك على سبيل الحتم والجزم أنّ البشر مهما بلغ من الكمال ذروته كنبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم يستحيل أن يحيط بجميع ما في علم الله ( سبحانه وتعالى ) هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّ جريان البداء ووقوعه في الخارج بنفسه دليل على ذلك ، حيث إنّه يستحيل جريانه في علمه تعالى ، لاستلزامه الجهل بالواقع تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
وقد ثبت على ضوء الكتاب والسنّة والعقل الفطري أنّ الله سبحانه عالم بجميع الكائنات بشتى أنواعها وأشكالها ، ولا يعزب عن علمه مثقال ذرّة لا في السماء ولا في الأرض ، وكذا يستحيل جريانه في القضايا التي أخبر بوقوعها ملائكته ورسله على سبيل الحتم والجزم ، فانّ الله تعالى يستحيل أن يكذّب نفسه أو ملائكته أو رسله.
وعليه فبطبيعة الحال يجري البداء في القضايا التي أخبر بوقوعها لهم معلّقاً بتعلق