المأكولية ومانعية غير المأكول ، نقول : إنّه بناءً على الشرطية لا يمكن الحكم بجواز الصلاة فيه لعدم إحراز الشرط ، بخلاف مانعية غير المأكول ، فإنّه يمكن الحكم بجواز الصلاة فيه لعدم إحراز المانع ، وهو ـ أعني عدم إحراز المانع ـ كافٍ في البناء على عدمه ، بناءً على صحّة دعوى البناء على أصالة العدم عند الشكّ في وجود المانع ولو لم تكن الحالة السابقة معلومة ، لكنّه قد حقّق في محلّه فساد هذه الدعوى.
ولكن نقول : لو فرضنا صحّتها يظهر أثر للشرطية والمانعية في مورد الشكّ المذكور ، وأنّ الأوّل ـ أعني الشرطية ـ يوجب الكلفة الزائدة بلزوم إحرازه في مقام الشكّ ، بخلاف الثاني ـ أعني المانعية ـ فإنّها لا يلزم فيها إحراز عدم وجود المانع ، فهل تكون هذه الكلفة التي يحكم بها العقل في مقام الشكّ المزبور كافية لجريان البراءة في الشرطية بالنسبة إلى هذا المقدار من الضيق الذي يحكم به العقل في مقام الشكّ على تقدير الشرطية ، أو أنّ هذا المقدار من الكلفة ليست بالحكم الشرعي المجعول من جانب الشارع ، فلا يكون مصحّحاً لجريان البراءة.
وفي الدورات السابقة كان شيخنا الأُستاذ قدسسره يختار الثاني كما أُفيد في هذا التقرير (١) ، لكنّه في الدورة الأخيرة اختار الأوّل على ما في تحريراتي والتقرير المطبوع في صيدا (٢) ، وتقريبه : هو أنّ نفس هذه الكلفة وإن لم تكن بحكم الشارع ، بل كانت بحكم العقل ، إلاّ أن المنشأ فيها لمّا كان هو الحكم الشرعي وهو الشرطية ، كان ذلك كافياً في صحّة رفعها ، فراجع التقريرات المطبوعة في صيدا وتأمّل ، فإنّ هذا التقريب لا يخلو عن تأمّل ، حيث إنّ الشرطية وكذلك المانعية
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٩١ ـ ٩٢.
(٢) أجود التقريرات ٣ : ٤٤٨ ـ ٤٤٩.