لم يكن بنفسه حرجياً ، إلاّ أنه لمّا كان الجمع بين محتملاته حرجياً ، كان ذلك كافياً في تحكيم أدلّة الحرج عليه ، لكن لازم ذلك هو سقوط الاحتياط بالمرّة ، لسقوط نفس ذلك التكليف الواقعي بكون الجمع بين محتملاته حرجياً.
وهكذا الحال لو قلنا بأنّ التكليف الواقعي في حدّ نفسه لم يكن حرجياً ، إلاّ أنّه لو كان منطبقاً على ذلك الفرد الذي يختاره المكلّف لرفع الحرج عنه يكون دليل الحرج رافعاً له ، كما أفاده في الكفاية (١) وكما ذكره في التقرير (٢) في توجيه كون الترخيص واقعياً ، وكونه من قبيل التوسّط في التكليف ، فإنّه وإن لم يكن مسقطاً للتكليف وموجباً للقطع بعدمه كما في التوجيه الأوّل ، إلاّ أنه إذا كان سابقاً على العلم الاجمالي يكون موجباً لسقوط الاحتياط ، ويكون حاله من هذه الجهة حال الاضطرار إلى المعيّن في كونه من قبيل التوسّط في التكليف في ملاك سقوط الاحتياط ، وهو أنّه إن كانت الميتة الواقعية منطبقة على هذا الفرد المعيّن الذي اضطرّ إليه ، أو كانت منطبقة على هذا الفرد الذي اختاره المكلّف لسدّ ضرورته ، كانت حرمتها مرتفعة بدليل العسر والحرج ، وإن كانت منطبقة على الطرف الآخر تكون حرمتها باقية.
ومن ذلك تعرف أنّ ما أُفيد في آخر البحث من هذا التقرير من أنّه لا أثر يترتّب على كون المقام من قبيل التوسّط في التكليف ، أو من قبيل التوسّط في التنجيز ليس كما ينبغي ، بل إنّ ذلك هو العمدة والأساس في وجوب الاحتياط في الباقي.
وخلاصة المبحث : أنّا نحتاج في جريان دليل العسر والحرج إلى حكم
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٣٦٠.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ١٠٧.