ووجه الإشكال والتأمّل ، هو أنّه ليس الكلام فيما لو ارتكب ما يسدّ به ضرورته قبل العلم الاجمالي ، وإلاّ لكان من قبيل العلم الاجمالي بعد تلف أحد الطرفين ، وإنّما محل الكلام هو أنّه لو حصل له العلم الاجمالي المذكور وكان مضطراً إلى ارتكاب أحد الطرفين لا بعينه باضطرار سابق على ذلك العلم الاجمالي. كما أنّه ليس الكلام فيما يكون حاله بعد الفراغ من ارتكاب أحد الطرفين لسدّ ضرورته ، فإنّها من قبيل الشكّ في المسقط حتّى لو لم يكن في البين اضطرار ، لاحتمال كون الحرام هو الذي ارتكبه فيكون من قبيل المسقط ، ويكون الشكّ في انطباق ذلك المعلوم بالاجمال على ذلك الذي ارتكبه موجباً لكونه من قبيل الشكّ في المسقط ، كان في البين اضطرار أو لم يكن. وإنّما عمدة الكلام هو في المسوّغ له ارتكاب ذلك الطرف الذي اختاره ، وقد عرفت أن لا مسوّغ إلاّدليل العسر والحرج ، وهو يحتاج إلى أن يصطدم بالتكليف الواقعي ليتحكّم عليه ، والمفروض أنّه لا يصطدم به.
وكما يتوجّه الإشكال المزبور على ما أفاده شيخنا قدسسره ، فهو يتوجّه على ما في الكفاية ، فإنّ الاضطرار لو كان بالغاً إلى حدّ الوجوب كان المكلّف مخيّراً في ارتكاب أيّهما شاء ، أمّا إذا لم يكن في البين إلاّ العسر والحرج فلا دليل على هذا التخيير ، وعليه يكون اللازم هو الاحتياط وعدم إعمال دليل العسر والحرج. وهذا المبحث عين المبحث في دليل الانسداد من سقوط الاحتياط إذا بلغ العسر فيه اختلال النظام ، أمّا إذا لم يكن في البين إلاّمجرّد العسر والحرج ، فإنّ دليل نفيهما لا يوجب سقوطه إلاّ إذا طبّقناه على نفس التكليف المعلوم في البين.
ويمكن الجواب عن أصل الإشكال ، بأنّ الحرج إنّما جاء من جهة الجمع بين الاجتناب عن هذا الطرف والاجتناب عن الطرف الآخر كما هو مقتضى العلم