كما أنّه لا يمكن أن يكون المنشأ في إشكاله هو احتمال كون وجوب غسل المسّ من قبيل السراية أو الاتّساع ، لأنّ ذلك ممّا لا يمكن نسبة احتماله إلى مثله ، إذ لا ريب في أنّ وجوب الغسل على من مسّ الميّت من قبيل الحكم الجديد على موضوع جديد.
كما أنّه لا يمكن أن يكون المنشأ في إشكاله هو احتمال كون الحكم الجديد الطارئ حكماً على نفس الملاقى ، بأن يكون حكم الميّت هو وجوب الغسل على من مسّه ، فإنّا لو فتحنا هذا الاحتمال بحيث كان وجوب الاجتناب عن الملاقي لاحقاً لنفس الملاقى ، لم يكن لنا في البين حدّ خاصم ، فإنّ كلّ حكم يكون قابلاً للجهتين حتّى الحكم في ملاقي النجس ، فكما أنّه يصحّ أن يقال : إنّ النجس يجب الاجتناب عن ملاقيه ، فكذلك يصحّ أن يقال : إنّه يجب الاجتناب عن ملاقي النجس.
وهكذا الحال في غسل المسّ ، فإنّه كما يصحّ أن نقول : إنّ الميّت يجب الغسل بمسّه ، كذلك نقول : إنّ الحي يجب عليه الغسل بمسّ الميّت ، وهذه ليست إلاّمن باب محض التعبير التي لا تكاد تؤثّر في الواقع ، ولا يمكن أن تجعل هي المنشأ في الإشكال المزبور. ولا يمكن أن ننسب إلى هذين العلمين قدسسرهما أنّ
__________________
من الفقهاء ) ١ : ١١٤ ـ ١١٥ ]. ولا ريب أنّ عدم الحكم بالنجاسة ملازم في المقام للحكم بالطهارة ، ركوناً إلى قاعدة الطهارة ، فهو كقوله في مسألة ٣ من فصل النجاسات : إذا لم يعلم كون حيوان معيّن أنّه مأكول اللحم أو لا ، لا يحكم بنجاسة بوله وروثه ـ إلى أن قال : ـ ففي جميع هذه الصور يبني على طهارته [ المصدر المتقدّم : ١٢٣ ـ ١٢٥ ]. فما قيل من : أنّ ظاهر عبارة المتن التوقّف في المسألة ، لأنّ الاحتياط الذي ذكره لم يكن مسبوقاً بالفتوى بالجواز ، إلى آخر ما في المستمسك [ ١ : ٢٦١ ] لا يخلو عن تأمّل [ منه قدسسره ].