منشأ الخلاف بينهما هي هذه الجهة.
ويمكن أن يقال : إنّ منشأ الإشكال والخلاف بينهما مطلب آخر ، وذلك هو أنّ الحكم اللاحق للتابع تارةً يكون حكماً مجرّداً ناشئاً عن ملابسته للمتبوع ، وأُخرى تكون الملابسة موجبة لتحقّق صفة في التابع ويكون الحكم فيه لاحقاً لتلك الجهة ، مثلاً غسل المسّ على من مسّ الميّت تارةً نقول إنّه وجوب صرف تعبّدي لاحق لمن مسّ الميّت ، فيكون أشبه شيء بالكفّارة لمن وطئ زوجته الحائض ، وأُخرى نقول إنّ المسّ يوجب تحقّق الحدث للماس ، ويكون حكم ذلك الحدث هو وجوب الغسل ، فمثل ملاقي النجس من هذا القبيل قطعاً ، لكونه موجباً لنجاسة ملاقيه ، وهذه الجهة أعني النجاسة في الملاقي ـ بالكسر ـ يكون حكمها وجوب الاجتناب ، فإذا قلنا إنّ نجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ ليست بالسراية بل من باب حدوث نجاسة جديدة ، بناءً على ما تقدّم ويأتي من عدم كون ذلك من قبيل سراية النجاسة واتّساعها ، بل إنّ نجاسة الملاقي تكون نجاسة جديدة حدثت بالملاقاة ، فيكون المرجع فيها هو قاعدة الطهارة في الملاقي وجواز ارتكابه. ومنشأ الإشكال في غسل المسّ هو هذه الجهة ، وهي أنّه هل يكون مسّ الميّت موجباً لتحقّق صفة الحدث للماس حتّى يكون حكمه في مقام العلم الاجمالي حكم ملاقي النجس ، أو أنّه لا يوجب حدثاً بل هو تكليف صرف حدث بالمسّ ، فلا يكون حكمه حكم ملاقي النجس ، بل يكون هذا الحكم من الأحكام المنجّزة بالعلم الاجمالي لكونه في الحقيقة لاحقاً للميّت.
ولكنّي في شكّ من نسبة هذا المطلب ـ أعني عدم كون المسّ موجباً للحدث ـ إلى السيّد قدسسره ، وسيأتي (١) إن شاء الله تعالى في الفرع الأخير ما هو الأولى
__________________
(١) في الصفحة : ٢٢ وما بعدها.