التكليف متفرّع على احتمال كون الباقي نجساً ، وحاصل ذلك أنّ نسبة أصالة الطهارة في الباقي إلى أصالة الاشتغال نسبة الأصل الموضوعي إلى الأصل الحكمي.
مضافاً إلى ما عرفت من أنّ أصالة الاشتغال إنّما تجري بعد الفراغ عن الاشتغال المتوقّف على تنجّز ما تشتغل به الذمّة ، وذلك لا يكون إلاّبالعلم أو ما يقوم مقام العلم ، والمفروض أنّه ليس في البين إلاّهذا العلم المتأخّر الذي لا يكون أثره وهو التنجّز سابقاً عليه ، فأين الاشتغال المنجّز حتّى تجري أصالة الاشتغال.
وأمّا الثالث ، فحاصله الركون إلى حديث الرفع فيما اضطرّ إليه (١) ، وهي إنّما ترفعه من حين الاضطرار ، فما أشكل به المشكل من أصالة الاشتغال بالنسبة إلى ما قبل الاضطرار باقٍ بحاله ، فراجع وتأمّل.
ثمّ إنّه في التحرير المذكور (٢) ذكر صورة المقارنة وأشكل فيها بما مفاده : أنّ للاضطرار مرتبتين : مرتبة صدوره وتلبّس المضطرّ به الذي نعبّر عنه بالمعنى المصدري ، ومرتبة تحقّقه أعني كون المكلّف مضطرّاً ، وهو الذي نعبّر عنه بالاسم المصدري ، وهذه الثانية هي مرتبة سقوط التكليف ، لأنّ أثر الاضطرار الذي هو سقوط التكليف يكون متأخّراً رتبة عن نفس الاضطرار وصدوره ، وحينئذ ففي المرتبة السابقة يكون العلم بالتكليف متحقّقاً ، إذ في هذه المرتبة لا سقوط ، وإنّما السقوط في المرتبة اللاحقة ، فعند الوصول إلى المرتبة اللاحقة تكون المسألة من قبيل الشكّ في السقوط. وأجاب عنها بما محصّله : أنّه لا يعقل
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٥ : ٣٦٩ / أبواب جهاد النفس ب ٥٦ ح ١.
(٢) أجود التقريرات ٣ : ٤٥٦ ـ ٤٥٧.