أمّا لو كان التكليف الواقعي قد توجّه إليه في حال كونه غير عالم به ، ثمّ بعد مدّة خرج الطرف عن الابتلاء أو صار مضطرّاً إليه ، ثمّ بعد الخروج أو الاضطرار علم بسبق التكليف الواقعي ، فإنّ الإشكال في هذه الصورة لا يندفع بما أُفيد أوّلاً وثالثاً ، بل يكون الجواب هو ما أُفيد في أصل المطلب الذي تضمّنه قوله : « قلت » ، وهو أنّ العلم لا يعقل أن يكون منجّزاً فيما قبل حدوثه ، والمفروض أنّ ما بعد حدوثه كان مقروناً بعدم الابتلاء بالطرف المذكور أو بالاضطرار إليه ، وما ذلك إلاّنظير من صلّى الظهر معتقداً أنّها هي الواجبة ثمّ بعد الفراغ علم إجمالاً بالوجوب المردّد بينها وبين الجمعة ، ولا مجرى في ذلك لأصالة الاشتغال ، لانحصار موردها بالتكليف المنجّز بأحد طرق التنجيز ثمّ الشكّ في سقوط ذلك الذي تنجّز وانشغلت ذمّته به ، وفيه تأمّل.
وهذه الأجوبة الثلاثة التي حرّرناها عنه قدسسره قد حرّرها السيّد ( سلّمه الله تعالى ) في تحريره (١) ، ولكن على اختلاف في ذلك بينه وبين ما حرّرناه ، فإنّ الجواب الأوّل كأنّه راجع إلى دعوى كون المقام من قبيل التردّد بين ما هو مقطوع البقاء ومقطوع الارتفاع ، وأنّ ما هو مقطوع البقاء غير معلوم الحدوث ، ولكن هذا بمجرّده غير نافع ، فإنّه آت فيما لو كان الاضطرار إلى المعيّن بعد حصول العلم الاجمالي.
وأمّا الجواب الثاني ، فهو راجع إلى عدم تعارض الأُصول على ما عرفت توضيحه ، ولكن ذلك أيضاً بمجرّده غير نافع بعد أن [ كان ] مقتضى الشكّ في السقوط هو لزوم الاجتناب عن غير المضطرّ إليه ، فلابدّ في إتمامه من أنّ قاعدة الطهارة في الباقي حاكمة على أصالة الاشتغال بالتكليف بالاجتناب ، حيث إنّ هذا
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٤٥٤ ـ ٤٥٦.