فيه كذلك ، لأن بعض الأطراف بواسطة عدم إمكان الجمع لا يتمكّن عادةً منها.
لأنّا نقول : إنّ العلم الاجمالي إنّما يسقط عن التأثير في تلك المسألة لكون المعلوم على تقدير انطباقه على ذلك الطرف الخارج عن الابتلاء يكون التكليف بالاجتناب عنه قبيحاً ، ومن الواضح أنّ هذا المعنى لا يتأتّى فيما نحن فيه ، لأنّ المفروض أنّ أيّ طرف من هذه الأطراف لا يكون التكليف بالاجتناب عنه لو كان هو النجس قبيحاً ، لفرض التمكّن منه عقلاً وعادة ، وإنّما كان عدم التمكّن العادي بالنسبة إلى جهة الجمع التي هي المعبّر عنها بالمخالفة القطعية ، وقد عرفت الإشكال في اتّصاف حكم العقل بحرمة المخالفة القطعية بالقبح المذكور.
ولعلّه قدسسره أشار إلى ذلك بقوله في حاشية العروة في ضابط الشبهة غير المحصورة بما هذا لفظه : لو بلغت المشتبهات من الكثرة حدّاً لا يتمكّن عادة من جميعها وإن تمكّن من آحادها على البدل ، كان ذلك من غير المحصور (١) فقوله : وإن تمكّن من آحادها الخ ، إشارة إلى أنّه ليس الميزان والضابط في الشبهة غير المحصورة هو كون الكثرة موجبة لعدم التمكّن من ارتكاب تلك الأطراف على البدل ، ليرجع الملاك في الشبهة غير المحصورة إلى الملاك فيما لو كان بعض الأطراف خارجاً عن الابتلاء ، بل إنّ الملاك في غير المحصورة هو عدم إمكان ارتكاب الجميع بواسط كثرة الأطراف ، وحينئذ فيكون مختصّاً بالكثرة البالغة إلى هذا الحدّ ، ولا يشمل الخروج عن الابتلاء ، فلاحظ وتدبّر.
تنبيه : ربما يتوهّم الايراد على ما أفاده قدسسره في ملاك الشبهة غير المحصورة بعدم القدرة على المخالفة القطعية بما إذا كان عدم القدرة شرعياً ، مثل الأُختين اللتين يعلم بحرمة إحداهما من جهة كونها ذات زوج لو عقد بكر عليها وشكّ في
__________________
(١) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء العظام ) ١ : ١٠٩ مسألة «١».