ليس بحرجي ، بل يمكن أن يقال : إنّه لا حرج في ترك أكل الجبن حتّى ما علم أنّه ليس فيه الميتة فضلاً عن ترك خصوص ما يحتمل فيه الميتة على نحو الشبهة غير المحصورة ، وبواسطة هذه الجهة تكون الرواية دليلاً على جواز ارتكاب الأطراف وإن لم تكن الموافقة القطعية فيها حرجية.
نعم ، يمكن أن تكون الحكمة في ذلك هو رفع الحرج ، نظراً إلى أنّ الغالب من موارد الشبهات غير المحصورة يكون فيه الحرج ، وحينئذ يصحّ ما ذكره البعض من التعليل بأغلبية العسر والحرج ، لكنّه حكمة لا دليل.
وكيف كان ، فالرواية الشريفة بناءً على ذلك تكون دالّة على سقوط التكليف في الشبهات غير المحصورة بقول مطلق ، وعدم حرمة المخالفة القطعية فضلاً عن لزوم الموافقة القطعية.
وما يقال في الإجماع من تنزيله على جعل البدل فلا يدلّ على سقوط حرمة المخالفة القطعية ( كما حرّرته عن درس الأُستاذ العراقي ) لا يتأتّى في الرواية الشريفة ، لما عرفت من إطلاقها ودلالتها على جواز الارتكاب بقول مطلق ، من غير تقييد بعدم استلزام المخالفة القطعية ، إذ لو كانت منزّلة على ذلك لكان اللازم أن يشار إليه في الرواية الشريفة ، وكون الغالب هو بقاء مقدار الحرام المعلوم لا يصحّح إطلاق الحكم بجواز الارتكاب.
والحاصل : أنّ جعل البدل إنّما يتأتّى في مثل قاعدة الفراغ ونحوها دون أمثال هذه الموارد ، وقد تقدّم الكلام على ذلك في أوائل العلم الاجمالي (١) ، وأنّ أمثال البراءة ونحوها لا تتكفّل بجعل البدل.
__________________
(١) في المجلّد السابع من هذا الكتاب ، فراجع الحاشية المذكورة في الصفحة : ٣٧٠ ، وكذا راجع الصفحة : ٤١٤ وما بعدها ، وكذا الحاشية المذكورة في الصفحة : ٤٢٥.