الحدائق في المقدّمات عند الكلام على الشبهة غير المحصورة (١).
ولا يخفى ظهورها في العلم الاجمالي مع كون الشبهة غير محصورة. أمّا الأوّل ، فلأنّ موردها ـ وهو السمن والجبن الموجودان في أرض المشركين وأرض الروم ـ ممّا يعلم إجمالاً بوجود الميتة فيه ، فإنّ ذلك ـ أعني خلطه بالميتة ـ واقع [ في ] ذلك العصر في بلاد المسلمين كما تضمّنته رواية المحاسن وغيرها (٢) ، فكيف حال بلاد المشركين والروم الذين لا يرون البأس في الميتة.
وأمّا الثاني فواضح ، إذ لا ريب في عدم حصر الجبن والسمن الموجود في تلك البلاد ، ولعلّ المتتبّع يعثر على روايات أُخر.
وكيف كان ، فإنّ المتتبّع للنصوص والفتاوى والإجماعات المنقولة يكاد يحصل له القطع في أنّ الشبهات التحريمية غير المحصورة لا يجب الاحتياط في تمام أطرافها. ولا يبعد تنزيل تلك الأدلّة على أنّ في خصوص الشبهة غير المحصورة أصلاً مختصّاً بها ، وهو ما ذكرناه من الترخيص الظاهري المقرون بجعل البدل ، وأنّ ذلك الترخيص والبدلية كلاهما ظاهريان ، كما أنّه يكاد يحصل له القطع بأنّ هذا الترخيص ليس ترخيصاً واقعياً ، وأنّه ليس ملاكه هو الاضطرار أو العسر والحرج ، وإن وقع التعبير في عبائر جملة من الأساطين بالمشقّة ونحو ذلك ، لأنّ ظاهر تلك الأخبار أنّ موجب الترخيص هو عدم العلم وعدم معرفة أنّ ما يرتكبه هو الحرام ، لا الاضطرار أو العسر والحرج ، كما أنّ حمل ذلك كلّه على كون بعض الأطراف خارجاً عن محلّ الابتلاء يكاد يحصل القطع بعدمه.
وأحسن ما عثرت عليه في توجيه هذا الترخيص هو ما أفاده المرحوم
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ : ١٥٠ وقد ذكر متنها في ص ١٤١.
(٢) الآتية في هامش الصفحة : ٢٠٠ ـ ٢٠١.