ومن تلك الروايات صحيحة ضريس ، قال : « سألت أبا جعفر عليهالسلام عن السمن والجبن في أرض المشركين والروم ، أفآكله؟ فقال عليهالسلام : ما علمت أنّه خلطه الحرام فلا تأكله ، وما لم يعلم فكله حتّى تعلم أنّه حرام » (١) ذكرها في
__________________
الناس.
نعم ، يمكن أن يقال : إنّ هذا الذي دلّت عليه الموثّقتان مقصور على مورد النصّ ، فلا يشمل الرضاع من الكلبة ولا من الكافرة ، بل ربما قيل بأنّه لا يشمل الشرب من لبن الخنزيرة من دون رضاع. وحينئذ يمكن أن يقال : إنّ ما تضمّنتاه من جواز الأكل إذا لم يعلم كونه من ضربه ، مع فرض العلم الاجمالي وكون الشبهة محصورة ، مختصّ بمورده أعني اشتباه نسله ، فلا يجري في غير المورد المذكور ، بل إنّ غيره يجري عليه قواعد العلم الاجمالي أو يعمل فيه القرعة ، كما لو اشتبه موطوء الإنسان بغيره من قطيع الغنم.
نعم ، ربما قيل : إنّ الحمل على ذلك لا يلائم قوله عليهالسلام : « إنّه بمنزلة الجبن » المتعيّن حمله على غير المحصورة ، فلاحظ وتأمّل.
أمّا روايات الجبن فقد قال المرحوم الحاج آغا رضا قدسسره بعد ذكره هذه الأخبار في الجبن : ويظهر من مثل هذه الروايات وجود قسم حرام في الجبن ، والمراد به ـ على الظاهر ـ ما يطرح فيه إنفحة الميّت ، لمعروفية حرمتها لدى العامّة ، فالظاهر جريها مجرى التقية ، والأجوبة الواقعة فيها ربما يتراءى منها التورية ، والله العالم. قال ذلك في الجزء الأخير من طهارته ، وذكر هناك طهارة الإنفحة وحلّيتها ، وذكر الرواية المفصّلة التي يرويها أبو حمزة عن الباقر عليهالسلام في الإنفحة وأنّها حلال كالبيضة [ فراجع مصباح الفقيه ( الطهارة ) ٧ : ٩٥ ، ٩١ وما بعدها ، وسائل الشيعة ٢٤ : ١٧٩ / أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٣٣ ح ١ ].
وبناءً على ذلك وعلى ما ذكرناه في روايات الجدي لا يبقى لنا من الروايات ما يمكن الركون إليه في سقوط العلم الاجمالي في الشبهات غير المحصورة [ منه قدسسره ].
(١) وسائل الشيعة ٢٤ : ٢٣٥ / أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٦٤ ح ١ ( مع اختلاف يسير ).