مشكوك الوجود.
الأمر الثاني : أنّا لو علمنا بوجود إناء زيد في هذه الحجرة أو شاهدنا وجوده فيها ، وعلمنا بوقوع نجاسة ، لكن لو كان الموجود هو إناء زيد وحده لكانت النجاسة واقعة فيه قطعاً ، ولو كان معه إناء آخر لكنّا نعلم إجمالاً بوقوع تلك النجاسة في أحدهما ، ونحن فعلاً لا نعلم بوجود إناء ثانٍ غير إناء زيد ، فالظاهر أنّه لا أثر لهذا العلم ، ولا يجب علينا الاجتناب عن إناء زيد. أمّا على كون الموجب للاحتياط وسقوط الأصل في الأطراف هو تعارض الأُصول فواضح ، لأنّ قاعدة الطهارة لا تجري في ذلك الاناء الآخر الذي نحتمل وجوده مع إناء زيد ، لعدم إحراز وجوده ، فتبقى قاعدة الطهارة في إناء زيد سليمة عن المعارض. وأمّا على تقدير كون الموجب لسقوط الأصل في الأطراف هو نفس العلم الاجمالي ، فلأنّ العلم الاجمالي إنّما يوجب سقوط الأصل لكونه علماً بتكليف فعلي منجّز على كلّ من الطرفين ، والمفروض أنّ التكليف في الطرف الآخر غير قابل للتنجّز ، لعدم إحراز موضوعه.
وإن شئت فقل : إنّ عدم العلم بوجود الاناء الثاني يلحقه بالخارج عن الابتلاء في قبح النهي عنه ، إذ لا معنى للنهي عن ارتكاب شيء هو تارك له بواسطة عدم علمه به ، على ما شرحناه (١) في وجه قبح النهي عمّا هو خارج عن الابتلاء.
الأمر الثالث : أنّه لو كان عوض إناء زيد إناءين ، ووقعت نجاسة ، فإن لم يكن لهما ثالث كانت النجاسة واقعة في أحدهما ومردّدة بينهما ، وإن كان لهما ثالث كانت النجاسة المذكورة مردّدة بين الثلاثة. ومقتضى ما شرحناه في إناء زيد
__________________
(١) في الحاشية المفصّلة المتقدّمة في المجلّد السابع من هذا الكتاب في الصفحة : ٥٣٩ وما بعدها.