لكن الذي كان قد بنى عليه في الدرس في الوقت الذي كنت أحضره هو عدم الاعتماد على هذه الطريقة ، لأجل هذه الجهة التي أشار إليها بقوله هنا : وتوهّم الخ ، وهذا نصّ ما حرّرته عنه (١) في أثناء الكلام على الشبهة الغير المحصورة :
وقد يقال : إنّه بعد الفراغ عن كون احتمال الانطباق في كلّ واحد من الأطراف ضعيفاً عند العقلاء ، يكون بناء العقلاء على عدم الانطباق وعدم اعتنائهم باحتماله مستلزماً لحصول الظنّ بانطباق المعلوم بالاجمال على الطرف الآخر ، وحينئذ يكون ذلك الظنّ حجّة ، لبناء العقلاء عليه ، فيكون المقام نظير ما لو قامت
__________________
الشريفة ناظرة إلى ذلك. ثمّ قال : وحاصل هذا الوجه : أنّ العقل إذا لم يستقل بوجوب دفع العقاب المحتمل عند كثرة المحتملات فليس هنا ما يوجب على المكلّف الاجتناب عن كلّ محتمل ، فيكون عقابه حينئذ عقاباً من دون برهان ، فعلم من ذلك أنّ الآمر اكتفى في المحرّم المعلوم إجمالاً بين المحتملات بعدم العلم التفصيلي باتيانه ، ولم يعتبر العلم بعدم إتيانه ، فتأمّل.
ثمّ بعد أن تعرّض لجواز ارتكاب الجميع قال : وأمّا الوجه الخامس فالظاهر دلالته على جواز الارتكاب ، لكن مع عدم العزم على ذلك من أوّل الأمر ، وأمّا معه فالظاهر صدق المعصية عند مصادفة الحرام فيستحقّ العقاب. ثمّ قال في بيان الضابط : ويمكن أن يقال بملاحظة ما ذكرنا في الوجه الخامس : إنّ غير المحصور ما بلغ كثرة الوقائع المحتملة للتحريم إلى حيث لا يعتني العقلاء بالعلم الاجمالي الحاصل فيها [ فرائد الأُصول ٢ : ٢٦٣ ـ ٢٧١ ].
قال شيخنا قدسسره : أمّا الوجه الخامس ... ففيه : أنّ قياس الأحكام الشرعية واحتمال الضرر الأُخروي على الأحكام العرفية واحتمال الضرر الدنيوي ليس في محلّه ، كما لا يخفى على المتأمّل [ منه قدسسره. فوائد الأُصول ٤ : ١٢١ ].
(١) في درس ليلة الاثنين ٦ ذي القعدة سنة ١٣٤٠ [ منه قدسسره ].