لأنّ المكلّف يحتمل العدم في هذا الطرف ، ويحتمله أيضاً في ذلك الطرف ، فيكون الحاصل أنّه يحتمل السالبة الكلّية مع علمه بالموجبة الجزئية ، وما الجواب عنه إلاّبأنّ احتمال العدم في هذا الطرف مقرون بالقطع بالوجود في الطرف الآخر ، بمعنى أنّه لو كان احتمال العدم في هذا الطرف مطابقاً للواقع لكان الموجود في الطرف الآخر مقطوعاً به ، وهكذا العكس. وإن شئت فقل : إنّ احتمال السلب في كلّ واحد على حدة مع قطع النظر عن غيره ليس هو عبارة عن احتمال السالبة الكلّية ، فإنّ السلب في كلّ واحد على حدة عبارة عن الوجود في الطرف الآخر.
وهذا بعينه آت في ظنّ العدم في هذا الطرف ، فإنّه مقرون بالقطع بالوجود في الطرف الآخر ، إذ ليس الظنّ إلاّ الاحتمال غايته أنّه راجح ، وحينئذ فلا مانع من أن يكون كلّ واحد مظنوناً فيه العدم بهذا النحو من الظنّ المقرون بالعلم بالوجود في بقية الأطراف على الاجمال ، ولا يكون نتيجته الظنّ بالسالبة الكلّية ، بل يكون نتيجته ظنّ العدم في كلّ واحد بخصوصه مقروناً بالقطع بالوجود في غيره على تقدير مطابقة ظنّه للواقع ، ولازمه القطع بخطأ بعض ظنونه التفصيلية المذكورة ، وهذا لا ينقض الظنّ التفصيلي الوجداني في كلّ واحد بخصوصه مع قطع النظر عن الأطراف الأُخر. ومع قطع النظر عن هذا فنقول : إنّه لو سلّم الاجتماع فهو ليس بأعظم من قطع الإنسان من أوّل بلوغه بأنّ بعض قطعياته المستمرّة إلى حين موته خطأ ، مع أنّه عند حصول كلّ قطع له لا يحتمل فيه الخطأ.
وأمّا ما أفاده في المقالة (١) من الجواب عن هذا التوهّم ، فالظاهر أنّه غير دافع له ، فإنّ دعوى صرف الظنّ إلى الوجود في الغير مجرّد تغيير عبارة ، لأنّ الظنّ
__________________
(١) المتقدّم نقله في الصفحة : ١٨٥.