حصول نفس المعلوم بالاجمال أيضاً ، مع بقاء كلّ من طرفي العلم الاجمالي بحاله ، كما لو كان هناك إناء صغير وآخر كبير ، وعلم إجمالاً بحرمة الشرب من أحدهما ، إمّا لكون الصغير من الذهب أو لكون ما في الكبير نجساً ، فإن كان الثاني وجب عليه الاجتناب عن الشرب منه فقط ، وإن كان الأوّل وجب عليه الاجتناب عن الشرب فيه ووجب عليه أيضاً كسره لكن بشرط التمكّن من ذلك أو بشرط كون الاناء مملوكاً له ، مع كونه حين طروّ العلم الاجمالي غير متمكّن من كسره أو كونه غير مالك للاناء المذكور ، ولكن بعد ذلك صار متمكّناً من كسره أو أنّه تملّكه بإرث ونحوه مع فرض بقاء كلّ من الاناءين بحاله ، فالظاهر لزوم كسره ، لتحقّق العلم الاجمالي حينئذ المردّد بين وجوب الاجتناب عن الشرب بالصغير مع لزوم كسره أو وجوب الاجتناب عن الشرب من الكبير ، لأنّ التكليف بوجوب الاجتناب عن الشرب بالصغير مع لزوم كسره لا طولية بينهما ولا سببية ومسبّبية توجب حكومة الأصل الجاري في الأوّل على الأصل الجاري في الثاني ، لكي يجاب عن هذا العلم الاجمالي بما سيأتي (١) من الجواب عن العلم الاجمالي في مسألة ملاقي أحد طرفي الشبهة المحصورة. فإن تمّ هذا المطلب في هذا الفرع كما هو الظاهر ، ينحلّ الإشكال في جملة من الفروع السابقة حتّى مسألة الأُصول والفروع والحواشي لأحد طرفي الشبهة المحصورة بالأُمومة النسبية أو الرضاعية ، فإنّ تنزيل تلك المسألة على دعوى السراية أو الاتّساع في غاية البعد ، بل ينبغي الجزم بعدمه ، فإنّ ضابط الاتّساع أو السراية هو أن تكون حرمة الفرع مستفادة من دليل الحرمة في أصله ، ومن الواضح أنّ حرمة الأُصول والحواشي والفرع لا تكون مستفادة من دليل حرمة الأُمّ ، بحيث إنّا لو بقينا نحن وقوله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ
__________________
(١) ستأتي الإشارة إليه في الصفحة : ٢٣.