الاشتغال الناشئة عن العلم الاجمالي ، أو أنّ الموجب له هو مجرّد استصحاب الاشتغال.
نعم ، لو ادّعي أنّ الاستصحاب يسوّغ الاتيان بالثانية بنيّة الجزم والوجه على أنّها واجبة ، يكون للنزاع حينئذ ثمرة عملية ، وهي هل الموجب لذلك هو الاستصحاب فيصحّ إتيانها بداعي الأمر المحرز ، أو أنّ الموجب له هو الاحتياط فلا يصحّ الاتيان بها إلاّبداعي الاحتمال ، لكن ذلك مبني على الاستصحاب المثبت ولا نقول به ، بل لا يقول به القائل بالاستصحاب هنا أيضاً ، إلاّعلى دعوى خفاء الواسطة كما صنعه المحقّق الخراساني قدسسره فيما سيأتي من نقل كلامه.
أمّا لو قلنا بأنّ العلم الاجمالي لا يوجب إلاّحرمة المخالفة القطعية وإنّما يلزمنا بالموافقة الاحتمالية فراراً من المخالفة القطعية ، فإنّه حينئذ يكون للنزاع المذكور ثمرة عملية ظاهرة ، فإنّه بناءً على جريان الاستصحاب يجب الاتيان بالثانية بعد الأُولى ، بخلاف ما لو بقينا نحن والعلم الاجمالي فإنّه حينئذ لا يجب الاتيان بها ، لحصول الفرار عن المخالفة القطعية بالاتيان بالأُولى.
واعلم أنّه لا فرق في سقوط الاستصحاب بناءً على لزوم الموافقة القطعية بين القول بكون العلم الاجمالي علّة تامّة في ذلك ، وبين القول بكونه مقتضياً إلاّ أنّه بعد تعارض الأُصول تكون الموافقة القطعية لازمة ، إذ على أيّ حال يكون اللازم عقلاً هو الاتيان بالثانية بعنوان الاحتمال بعد الاتيان بالأُولى ، فلا يكون لاستصحاب بقاء التكليف أثر عملي من هذه الجهة ، إذ لا يغيّر شيئاً من حالنا إلاّ إذا قلنا بحجّية الأصل المثبت ، وأنّه بعد جريان الاستصحاب المذكور نحكم بأنّ الواجب هو الباقي ، فنأتي به من باب إحراز وجوبه.
فظهر لك أنّه ينبغي سدّ باب الاستصحاب المذكور بناءً على القولين