المذكورين من هذه الجهة ، أعني عدم ترتّب الأثر العملي عليه. مضافاً إلى ما أفاده شيخنا قدسسره فيما سيأتي إن شاء الله تعالى.
قوله : الأوّل : يعتبر في الاستصحاب أن يكون الشكّ راجعاً إلى بقاء الحادث ، لا إلى أنّ الباقي هو الحادث ... الخ (١).
قال قدسسره فيما حرّرته عنه : وأمّا إذا كان الشكّ في أصل الحدوث وأنّ الحادث ما هو ، لتردّده بين ما هو مقطوع البقاء وما هو مقطوع الارتفاع ، فلا يجري فيه الاستصحاب ، بل لا معنى لجريان الاستصحاب فيه ، لعدم كونه من قبيل الشكّ في بقاء الحادث ، وإنّما هو من قبيل الشكّ في نفس الحادث ما هو ، وهل هو الذي يكون مقطوع البقاء أو هو مقطوع الارتفاع.
وبالجملة : إذا كان الحادث مردّداً بين ما هو مقطوع البقاء وبين ما هو مقطوع الارتفاع ، لا يصحّ أن يضاف الشكّ في البقاء إلى الشكّ في الحدوث ويجري الاستصحاب بالنظر إلى الشكّ في البقاء ، إذ ليس الشكّ في البقاء في مثل ذلك إلاّعين الشكّ في الحدوث ، بل في الحقيقة لم يكن البقاء متعلّق الشكّ ، وإنّما تعلّق الشكّ بأنّ هذا الذي يبقى على تقدير كونه هو الحادث هل هو الحادث ، ويكون الشكّ شكّاً في حدوث ما يبقى لا في بقاء ما حدث ، فجعله من قبيل الشكّ في بقاء الحادث مغالطة نشأت من قلب الموضوع محمولاً والمحمول موضوعاً ، فإنّ حقيقة القضية هي الشكّ في حدوث ما يبقى ، فقلَبها المغالط إلى الشكّ في بقاء ما حدث ، ومحصّل الأُولى أنّ ما يبقى حادث أو لا ، ومحصّل الثانية أنّ ما حدث باقٍ أو لا ، وبين القضيتين بون بعيد ، والثانية هي مورد الاستصحاب ، والأُولى ليست مورداً له ، وهي المنطبقة على ما نحن فيه دون الأُخرى ، انتهى.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ١٢٦.