إجمالي بمركّب كي نحتاج إلى حلّه بالعلم التفصيلي والشكّ البدوي ، وإن كان ذلك صحيحاً في نفسه ، إلاّ أن المسألة أوضح من ذلك ، هذا في الواجبات.
وأمّا المحرّمات فقد حرّرنا أيضاً في باب العموم والخصوص عن الأُستاذ قدسسره أنّ النهي المتعلّق بعنوان كلّي يكون على نحوين ، العموم الاستغراقي والعموم المجموعي ، فلو كان على نحو العموم الاستغراقي وتردّد بين الأقل والأكثر ، مثل ما لو علم بحرمة الغناء وتردّد بين كونه مطلق الترجيع أو كونه مقيّداً بالاطراب ، فالذي يظهر منه قدسسره في هذا التقرير هو أنّ الأقل مطلق الترجيع والأكثر هو الترجيع المقيّد بالاطراب.
وفيه : أنّه وإن كان الأمر كذلك نظراً إلى الاطلاق والتقييد ، إلاّ أنه لا داعي للجمود على ذلك ، بل لنا أن نقول إنّ المراد بالأكثر هنا هو الأكثر تكليفاً ، ولا ريب أنّ ذلك إنّما يكون في جانب الاطلاق ، وحيث إنّ العموم استغراقي الذي عرفت أنّ لازمه عدم الارتباطية ، يكون تحريم ما هو أقلّ أفراداً ـ أعني تقييد الحرام بالاطراب ـ هو القدر المتيقّن ، ويكون الزائد على ذلك ممّا كان مشتملاً على الترجيع بدون إطراب مشكوك التحريم ، فتنفى حرمته بالبراءة من دون حاجة إلى الالتزام بأنّ باب المحرّمات عكس باب الأوامر ، بل يكون كلا البابين على نمط واحد بعد فرض كون العموم في كلّ منهما استغراقياً ، ألا ترى أنّه لو علم بأنّه قد أُمر باكرام كلّ عالم ، ولكنّه احتمل تقييده بخصوص العالم العادل ، كان المتيقّن إيجاب إكرامه هو الأقل أفراداً وهو تقييد العالم بالعادل ، وكان إيجاب إكرام ما زاد على ذلك وهو العالم غير العادل مشكوكاً منفياً بالبراءة.
والسرّ في ذلك : هو أنّ الأكثر قيوداً في باب العموم الانحلالي يكون أقلّ أفراداً ، والأقل قيوداً يكون هو الأكثر أفراداً ، من دون فرق في ذلك بين كون