الحكم في العموم الانحلالي هو الايجاب مثل أكرم كلّ عالم ، أو أكرم كلّ عالم عادل ، أو يكون الحكم فيه هو النهي والتحريم مثل لا تكرم الفاسق ، أو لا تكرم الفاسق المتجاهر في فسقه ، فإنّ الأوّل في كلّ من البابين يكون هو الأكثر أفراداً من الثاني ، وسيأتي مزيد توضيح لذلك إن شاء الله في مباحث الأقل والأكثر (١).
نعم ، لو قوبل العموم الاستغراقي في باب النهي بالعموم البدلي في باب الأوامر الذي يكون المطلوب فيه هو صرف الطبيعة مثل أكرم عالماً ، وشكّ في التقييد بالعدالة ، كان الحال فيه على العكس من حال النهي ، بناءً على أنّ القدر المتيقّن هو المطلق ، وأنّ لزوم كونه مقيّداً بقيد العدالة مشكوك منفي بأصالة البراءة ، ويتّضح ذلك بما لو كان مركز التقييد هو نفس الفعل المأمور به دون موضوعه ، كما لو أُمر بالصلاة وشكّ في تقييدها بلبس العمامة مثلاً.
ومن ذلك يتّضح : أنّه لو توقّف أحد في إجراء البراءة في الواجبات المردّدة بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، لا يلزمه التوقّف في إجراء البراءة عن حرمة الصوت المشتمل على الترجيع المجرّد من الاطراب ، لما عرفت من عدم كون ذلك من قبيل الارتباطيات التي هي محلّ التوقّف. ومنه يتّضح الخدشة فيما أُفيد في هذا التقرير بقوله : والذي خالف في جريان البراءة في الشبهات الوجوبية ينبغي أن لا يقول الخ (٢). نعم يجري ذلك في المحرّمات الارتباطية كما سيأتي (٣) إن شاء الله في محرّمات الصوم. هذا حال النواهي التي يكون عمومها استغراقياً.
وأمّا النواهي التي يكون عمومها مجموعياً فلابدّ أن تكون ارتباطية ، بناءً
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ١٩٤ ، راجع أيضاً حاشية المصنّف الآتية في الصفحة : ٣٢٥.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ١٤٩.
(٣) في الصفحة : ٢٥٥.