على ما عرفت من أنّ المجموعية عين الارتباطية ، لكن قد حرّرنا عنه قدسسره في باب العموم أيضاً أنّ العموم المجموعي في باب الأوامر لا يكون إلاّقسماً واحداً. أمّا العموم المجموعي في باب النواهي فهو على قسمين ، فإنّه إذا قال : لا تكرم الفسّاق مثلاً ، أو قال : لا تأكل هذه الأرغفة ، فتارةً : يكون المراد منه النهي عن أكل جميعها وتمامها على وجه يكون مفاد النهي بمنزلة رفع الايجاب الكلّي ، بحيث يكون المحرّم هو أكل جميع تلك الأرغفة ، فلو أكل بعضها وترك بعضاً لم يكن عاصياً ، وعلى ذلك ينزّل النهي عن تصوير الحيوان بناءً على أنّ المنهي عنه هو تصوير جميع صورة الحيوان بتمام أجزائه ، فلو صوّر بعض أجزائه دون بعض لم يكن عاصياً ، لكن لو صوّره بتمامه أو أكل تمام الأرغفة أو أكرم جميع الفسّاق ، لم يكن منه إلاّعصيان واحد لا عصيانات متعدّدة ، ومن خصوص هذه الجهة نسمّيه ارتباطياً ، فالارتباطية فيه إنّما هي بالنظر إلى العصيان ، بمعنى أنّه لو ارتكب الجميع لا يكون إلاّعصياناً واحداً ، بخلاف ما لو لم يكن ارتباط فإنّه عصيانات متعدّدة ، وإلاّ فإنّك قد عرفت أنّ من خصائص الارتباطية هو أنّه لو فعل بعضاً وترك بعضاً آخر كان عاصياً أيضاً ، لا أنّه مطيع فيما ترك وعاص فيما فعل كما هو شأن عدم الارتباطية ، ومن الواضح أنّ هذا المعنى ـ أعني تحقّق العصيان بفعل البعض دون بعض ـ لا يجري في هذا النحو من العمومات المجموعية.
وأُخرى : يكون المراد من العموم المجموعي في باب النواهي النهي عن أكل المجموع ، بحيث يكون كلّ واحد من تلك الأفراد أو الأجزاء محرّماً ومنهيّاً عنه ، لكن أُخذت تلك التروك كترك واحد وتعلّق به الطلب بهذا اللحاظ ، أعني لحاظه تركاً واحداً ، ولو من جهة دلالة الدليل الخارجي على أنّ تحقّق الاطاعة في كلّ واحد من تلك التروك مشروط بالترك الآخر وهكذا ، ولازم ذلك أنّه لو فعلها