تابعاً لنفس النذر ، والمفروض أنّه تعلّق بعدم الطبيعة ، فيكون على نحو السلب الكلّي ، ويسقط وينحلّ بمجرّد الاتيان بفرد واحد من أفراد الطبيعة ، إلاّ أن تكون هناك قرينة على أنّ الناذر لاحظ الأفراد ونذر ترك كلّ واحد منها ، ومجرّد كون غرضه تعلّق بردع نفسه عن الطبيعة لكونها مبغوضة له لا يكون قرينة على ذلك ، لكون وجوب الوفاء بالنذر إنّما يتبع إنشاء الناذر وإن كان على خلاف غرضه وداعيه ، كما هو الشأن في جميع أبواب العقود والايقاعات ، انتهى.
وإنّي فعلاً غير جازم بأنّ هذا التحرير هو الذي أراده الأُستاذ قدسسره ، لأنّي أتّهم نفسي في فهم مراده قدسسره. وكيف كان ، فإنّ هذا التوجيه لا يتمّ على الظاهر في النذر الايجابي. مضافاً إلى أنّه لا يمكن إتمامه حتّى في النذر السلبي ، لأنّ وجوب الوفاء تابع لقصد الناذر ، وقد حقّق في محلّه أنّ الظاهر من نفي الطبيعة هو نفي أفرادها انحلالياً ، وهو وإن انتقض بمجرّد وجود بعض أفرادها إلاّ أنه انتقاض في خصوص ذلك الفرد دون باقي الأفراد.
وبالجملة : أنّ دليل وجوب الوفاء بالنذر بمنزلة حكم العقل بلزوم إطاعة النهي المولوي المتعلّق بالطبيعة ، فكما أنّ ذلك الحكم العقلي موجود بعد الاتيان بفرد منها ، فكذلك ينبغي أن يكون وجوب الوفاء بالنذر.
وأمّا ما في مباحث النهي ممّا أفاده قدسسره (١) في توجيه ذلك بأنّ الشمول للأفراد الطولية التي تكون في الآنات المترتّبة يتوقّف على العموم الأزماني ، وليس في باب النذر ما يتكفّل بالعموم المذكور ، ففيه : أنّ الذي يتكفّل بالشمول للأفراد الطولية هو إطلاق الطبيعة في سياق النفي أو في سياق أداة العموم ، مثل كل
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١٢٢ ـ ١٢٤. راجع أيضاً المجلّد الرابع من هذا الكتاب ، الصفحة : ٦ ـ ٧.