الاجمالي بنجاسة أحد الطرفين ، يكون أيضاً من باب عدم تأثير العلم الاجمالي لا من باب الانحلال ، وذلك فإنّ الانحلال إنّما يكون في مثل ما لو علم إجمالاً بوقوع نجاسة في أحد الاناءين الصغير والكبير ، ثمّ علم تفصيلاً أنّ الصغير كان متنجّساً بنجاسة سابقة على تلك النجاسة ، أو علم إجمالاً أنّه كان طرفاً لآخر في العلم الاجمالي بنجاسة سابقة ، فإنّ العلم الثاني يوجب انحلال الأوّل ، لأنّه يكون العلم المنحل سابقاً في الزمان على العلم الذي حلّه ، بخلاف ما لو كان العلم المنحل مقارناً للعلم الذي حلّه ، بأن يكون حصول العلم بنجاسة أحد الاناءين مقارناً للعلم بأنّ الصغير كان متنجّساً بنجاسة سابقة ، فإنّ ذلك لا يعدّ على الظاهر من قسم الانحلال ، بل يكون العلم بأنّ الصغير متنجّس بنجاسة سابقة موجباً لعدم تأثير العلم الاجمالي بنجاسة أحدهما.
وما نحن [ فيه ] من هذا القبيل ، فإنّ الملاقاة لمّا حصلت أوّلاً ثمّ حصل العلم الاجمالي بالنجاسة ، يكون ذلك العلم الاجمالي عبارة عن علمين ، أحدهما مردّد بين الطرفين والآخر مردّد بين الملاقي وطرف أصله ، وهذان العلمان حصلا دفعة واحدة ، وحيث كان المعلوم بالأوّل منهما سابقاً في الزمان على المعلوم بالثاني ، كان الأوّل موجباً لعدم تأثير الثاني ، لا أنّه يوجب انحلاله بعد استقراره ، ولكن الأمر في ذلك سهل.
ثمّ إنّه لا يخفى أنّه يمكن منع تأثير العلم الثاني حتّى لو قطعنا النظر عن كون المعلوم به متأخّراً زماناً عن المعلوم بالأوّل ، فإنّه يكفي في عدم تأثيره تأخّره رتبة عن العلم الأوّل ، لكون المعلوم به متأخّراً رتبة ، بحيث إنّا لو قلنا بامكان كون الملاقاة مقارنة زماناً لوقوع النجاسة في أحد الطرفين ، لكان لنا أن نقول إنّه لا أثر للعلم الاجمالي المردّد بين الملاقي وطرف أصله ، لكونه متأخّراً رتبة عن العلم