الاجمالي المردّد بين الأصل وطرفه ، وهذا التأخّر الرتبي كافٍ في عدم تأثير المتأخّر بحسب الرتبة ، وإن كان العلمان والمعلومان متقارنين زماناً.
لا يقال : إنّ نجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ وإن كانت متأخّرة رتبة عن نجاسة الملاقى ، إلاّ أن العلم بنفس النجاسة لا أثر له ما لم يترتّب عليها حكم تكليفي كوجوب الاجتناب ، ومن الواضح أنّ وجوب الاجتناب في الملاقي ـ بالكسر ـ ليس بمتأخّر رتبة عن وجوب الاجتناب عن الملاقى ـ بالفتح ـ إذ لا علّية بينها ولا معلولية ، وإنّما هي بين نجاستيهما.
لأنّا نقول : قد عرفت من الجواب عن الشبهة السابقة (١) أنّ نجاسة الثاني من الأحكام الوضعية اللاحقة لنجاسة الأوّل ، فتكون متأخّرة عنها تأخّر الحكم عن موضوعه أو المسبّب عن سببه ، وحينئذ تكون هي في عرض وجوب الاجتناب عن الأوّل ، لأنّ كلاً من نجاسة الثاني ووجوب الاجتناب عن الأوّل من آثار نجاسة الأوّل ، وحينئذ يكون وجوب الاجتناب عن الثاني متأخّراً في الرتبة عن وجوب الاجتناب عن الأوّل ، لأنّ ما هو متأخّر عمّا هو في عرض الشيء متأخّر عن نفس الشيء.
والحاصل : أنّ نجاسة الأوّل متقدّمة على نجاسة الثاني ، ونجاسة الثاني متقدّمة على وجوب الاجتناب عنه ، فيكون هو ـ أعني وجوب الاجتناب عن الثاني ـ واقعاً في الدرجة الثالثة من نجاسة الأوّل ، ويكون وجوب الاجتناب عن الأوّل واقعاً في الدرجة الثانية من نجاسة الأوّل ، فيكون متقدّماً عليه رتبة وإن لم يكن بين نفس الوجوبين علّية ولا معلولية ، فيكون العلم الاجمالي المنجّز
__________________
(١) [ هكذا فيما يتراءى من الأصل ، لكنّ الظاهر أنّ المقصود هو الشبهة الآتية التي يتعرّض لها في الحاشية القادمة في الصفحة : ٣٦ وما بعدها ].