لوجوب الاجتناب عن الأوّل سابقاً في الرتبة على العلم الاجمالي الذي نريد أن نجعله منجّزاً لوجوب الاجتناب عن الثاني ، وحينئذ يكون تنجّز وجوب الاجتناب في طرف الأوّل سابقاً في الرتبة على مقتضى العلم الثاني بين الملاقي ـ بالكسر ـ وطرف الملاقى ـ بالفتح ـ فلا يكون العلم الثاني مؤثّراً ، لكون الوجوب في أحد طرفيه الذي هو طرف الأوّل متنجّزاً بالعلم الأوّل بين الملاقى ـ بالفتح ـ وطرفه.
وهذه المسألة أعني تأخّر ما هو متأخّر عمّا هو في رتبة الشيء عن نفس ذلك الشيء من المشكلات ، وقد تعرّضنا لها في أوائل مسألة الضدّ في الحاشية على ص ٢١٦ من التحريرات المطبوعة في صيدا (١) ، وفي أوائل حجّية القطع من هذا التحرير في مسألة أخذ العلم بالحكم موضوعاً ، فراجعه في حاشية ص ٦ من هذا التحرير (٢).
ثمّ لا يخفى أنّ هذه الصورة ، أعني ما لو كانت الملاقاة والعلم بها سابقاً على العلم الاجمالي بنجاسة الملاقى ـ بالفتح ـ وطرفه ، هي عبارة عن الصورة الثالثة من الصور التي ذكرها في الكفاية (٣) ، وهي التي يكون المتلاقيان فيها طرفاً للعلم الاجمالي بالنجاسة في قبال الطرف الآخر الذي لم تدخله الملاقاة ، فالأولى إسقاطها فيما نحن فيه الآن ، وجعل ما نحن فيه الآن منحصراً بما لو كانت الملاقاة والعلم بها متأخّراً عن العلم الاجمالي بنجاسة أحد الطرفين ، ثمّ بعد الفراغ عن عدم تأثير العلم الاجمالي بين الملاقي ـ بالكسر ـ وطرف الملاقى ـ بالفتح ـ لتأخّره
__________________
(١) وهي الحاشية المتقدّمة في المجلّد الثالث من هذا الكتاب ، الصفحة : ١٢٨.
(٢) وهي الحاشية المتقدّمة في المجلّد السادس من هذا الكتاب ، الصفحة : ٤٠.
(٣) كفاية الأُصول : ٣٦٣.