الفراغ اليقيني ، إلاّ أنه إنّما يقتضي الفراغ اليقيني عمّا هو داخل تحت العلم ، دون ما هو خارج عمّا هو تحت العلم المزبور ممّا هو في حدّ نفسه مجرى لقاعدة قبح العقاب بلا بيان.
ولعلّ هذا هو المراد من التوسّط في التنجّز في كلام الشيخ قدسسره (١) ، فإنّ ذلك المركّب لو كان في الواقع مركّباً من خمسة أجزاء ، بحيث كان كلّ واحد من تلك الأجزاء مقيّداً بوجود الجزء الخامس ، لكانت الأربعة مقيّدة في الواقع بوجود الجزء الخامس ، وكانت بنفسها متنجّزة ، للعلم التفصيلي بطروّ الوجوب عليها ، وكان مقتضى تنجّزها هو استحقاق العقاب على تركها ، إلاّ أن الأربعة التي في ضمن الخمسة يكون تركها على نحوين ، أحدهما تركها بنفسها ، والآخر تركها بترك الخامس المأخوذ قيداً فيها مع فرض الاتيان بها بنفسها ، والمقدار الذي أوجبه العلم هو الأوّل أعني تركها بنفسها ، فإنّا نعلم بكونه ممنوعاً عنه موجباً لاستحقاق العقاب ، وأمّا النحو الثاني فلم يحصل لنا العلم بالمنع عنه ولا باستحقاق العقاب عليه ، فلا يكون العقاب على ذلك النحو من الترك إلاّعقاباً بلا بيان ، ولا يكون مورداً لقاعدة الشغل ، فإنّ العقل إنّما يحكم بلزوم الفراغ اليقيني بمقدار الشغل الذي قامت به الحجّة ، والمفروض أنّ الحجّة لم تقم إلاّعلى اشتغال الذمّة بذات الأربعة ، دون تقيّدها بالخامس ، ولا يمكن للشارع أن يحتجّ على العبد بأنّك بعد أن علمت بوجوب الأربعة كان يلزمك الخروج عن عهدتها يقيناً ، وأن لا تعتمد في ذلك على احتمال الخروج ، لأنّ للعبد أن يقول إنّي لم أعتمد على الخروج الاحتمالي ، وإنّما اعتمدت في الخروج عمّا علمت على
__________________
(١) الظاهر أنّ هذا الاصطلاح متصيّد من كلمات الشيخ قدسسره عند استدلاله بالبراءة العقلية في مسألة الأقلّ والأكثر ، فراجع فرائد الأُصول ٢ : ٣٢٢ ـ ٣٢٣.