الأقل والأكثر (١) إنّ الوجوب المردّد بين النفسية والغيرية لا يوجب انحلال العلم الاجمالي المردّد بين الوجوب النفسي للأقل والوجوب النفسي للأكثر ، ولازم حمل كلامه هنا على هذه الصورة أن تجري البراءة في كلّ من الوجوبين النفسيين ، ففي مثل الغسل المردّد بين الوجوب النفسي والوجوب الغيري للصلاة المفروض أنّه يعلم حينئذ بالوجوب النفسي مردّداً بين الغسل والصلاة ، يكون الحاصل هو إجراء البراءة الشرعية في كلّ من وجوب الغسل نفسياً ووجوب الصلاة نفسياً ، مع أنّه عالم إجمالاً بأنّ أحدهما واجب نفسي ، فيكون اللازم من ذلك هو المخالفة القطعية لما علمه من الوجوب النفسي بينهما ، وهذا ممّا لا يظنّ الالتزام به من ذي مسكة ، فكيف يمكن نسبته إليه.
وممّن يظهر منه تفسير العبارة بذلك السيّد ( سلّمه الله تعالى ) في حقائقه (٢) ، فإنّه ذكر للمسألة ـ أعني ما لو علم بوجوب الشيء كنصب السلّم مع التردّد بين كون وجوبه نفسياً وكونه غيرياً مقدّمة للصعود ـ صوراً ثلاثاً : الأُولى ، أن يعلم بعدم وجوب الصعود. الثانية : أن يعلم بوجوب الصعود. الثالثة : أن يشكّ في وجوب الصعود.
وفي الأُولى يكون المرجع هو البراءة من وجوب نصب السلّم. وفي الثانية يجب النصب للعلم بوجوبه على كلّ حال. وفي الثالثة : أيضاً يجب النصب ، واستشكل في إجراء البراءة من وجوب الصعود. ثمّ جعل قول المصنّف : « وإلاّ » شاملاً للصورة الأُولى والصورة الثالثة ، ثمّ أشكل على المصنّف قدسسره بأنّ البراءة إنّما تجري في الصورة الأُولى فقط ، وأمّا الثالثة فلا تجري البراءة فيها من وجوب
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٣٦٤.
(٢) حقائق الأُصول ١ : ٢٦١ ـ ٢٦٢.