لكنّك قد عرفت أنّ حديث الرفع كما يجري في رفع وجوب الجزء الخامس ، فكذلك يجري في رفع وجوبه الشرطي ، وليست القيدية منتزعة من الوجوب النفسي للجزء الخامس ، بل هي منتزعة من وجوبه الشرطي ، فتكون القيدية مرتفعة بارتفاع ذلك الوجوب الشرطي ، ويكون رفع تلك القيدية كافياً في الانحلال ، وبه يتحقّق استراحة المكلّف ، من دون حاجة إلى الالتزام باطلاق الأقل إذ لا يترتّب على إطلاقه أثر مهم بعد حكم الشارع ولو ظاهراً بأنّ القيدية مرفوعة ، فلا حاجة إلى تلك التكلفات في دفع مثبتية الأصل المذكور ، إذ لا نريد إلاّرفع اعتبار الجزء الخامس ونفي كلّ من وجوبه النفسي والشرطي ، وحديث الرفع متكفّل بذلك المراد.
بل قد عرفت أنّ حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان كافٍ في استراحة المكلّف من احتمال قيدية الجزء الخامس ، ومن احتمال وجوبه النفسي الضمني ، ومن وجوبه الشرطي ، فإنّه بعد علمه التفصيلي بوجوب الأقل وإن شكّ في فراغ ذمّته بالاتيان بالأجزاء الأربعة ، إلاّ أنه إنّما يحكم بذلك فراراً من العقاب المحتمل ، والمفروض أنّه مأمون من ناحيته ، إذ العقاب لا يكون ناشئاً إلاّعن
__________________
في مقام الاثبات ، فلا معنى لتسميته إطلاقاً ظاهرياً ، لكونه حينئذ إطلاقاً إثباتياً واقعياً.
بل المراد أنّه بعد جريان البراءة في رفع التقييد ، يكون حكم ذلك المكلّف في الظاهر كحكم من قام عنده الدليل المطلق ، أي يكون حكمه في الظاهر هو إطلاق المأمور به.
وبالجملة : أنّه لا يعقل القول بأنّ رفع التقييد في مقام الشكّ بمفاد حديث الرفع يكون مثبتاً لكون المأمور به مطلقاً في الواقع ، أو يكون موجباً لتحقّق الاطلاق اللفظي بالنسبة إلى دليل الأمر ، لأنّ ذلك لا يقوله أقل الطلبة ، فلابدّ أن يكون مراده قدسسره كما يظهر ممّا حرّرته عنه وممّا صرّح في اللباس المشكوك هو كون دليل المأمور به في الظاهر بالنسبة إلى ذلك المكلّف بحكم المطلق ، فراجع وتأمّل [ منه قدسسره ].