فساده لو كان عبادة ، فإنّ هذه المانعية ترتفع وجداناً بالأصل الجاري في ذلك الأمر ، كما لو شككنا في وجوب إزالة النجاسة عن فرش المسجد أو حصيره ، فإنّ أصالة البراءة عن الوجوب توجب ارتفاع النهي عن الصلاة ، فتكون صحيحة واقعاً فتأمّل.
قوله : بل لا يجب على المكلّف عقلاً الاتيان بما يعلم دخله في الملاك من دون أن يدخل تحت دائرة الطلب ... الخ (١).
لا يخفى أنّ فرض العلم بكون الشيء له مدخلية في الملاك مع عدم دخوله تحت دائرة الطلب لا يمكن تعقّله مع النظر إلى قاعدة الملازمة ، سواء كان عدم دخوله تحت الطلب مشكوكاً أو كان معلوماً ، لأنّ فرض العلم بمدخليته في الملاك حينئذ يوجب العلم بدخوله تحت الطلب. نعم يصحّ ذلك الفرض لو أُغضي النظر عن قاعدة الملازمة ، لكنّه لا يكون إلاّمن مجرّد الفرض الذي لا واقعية له ، لأنّا قائلون بقاعدة الملازمة ، بل إنّه لم يتحقّق لنا في الفقه إثبات حكم بقاعدة الملازمة صرفاً. إلاّ أن ذلك لا يخلّ بأصل المطلب ، وهو أنّه لا يجب على المكلّف الخروج عن عهدة الملاكات ، وأنّه لا يلزمه بحكم العقل إلاّ الخروج عن عهدة التكاليف الشرعية.
قوله : وتوهّم عدم جريان البراءة العقلية ... الخ (٢).
تقدّم الكلام في مبحث الجمع بين الأحكام الظاهرية والواقعية (٣) وفي حديث
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ١٧٩.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ١٨٠.
(٣) في المجلّد السادس من هذا الكتاب ، فراجع الصفحة : ٣٠٦ وما بعدها ، وكذا الحاشية المفصّلة المذكورة في الصفحة : ٣١٢ وما بعدها من المجلّد المذكور.